Ad

هنالك ما يزيد على عشرة آلاف طالب وطالبة كويتي، عدد كبير منهم مبعوثون من الدولة وعدد آخر على حسابهم الخاص يتلقون تعليمهم العالي في الخارج في جامعات راقية، التعليم فيها مشترك، وقد جسدوا خلال التاريخ الطويل للدولة في الابتعاث نموذجاً راقياً جداً للأخلاق والسلوك القويم والجد والمثابرة، فهل نطالب الدولة بوقف البعثات الدراسية الخارجية لأن الجامعات الأجنبية والعربية يوجد بها تعليم مشترك؟!

هنالك فرق كبير بين التعليم المشترك وما يطلق عليه الاختلاط، فالشيء المشترك هو الشيء الذي تشترك فيه أطراف متساوية مع احتفاظ كل طرف باستقلاليته، أما الشيء المختلط فهو الشيء الذي تختلط مكوناته مع فقدانها لاستقلاليتها مما ينتج عنها مكون آخر جديد.

وفي اعتقادي، أن وصف التعليم المشترك بالاختلاط هو إساءة مقصودة للتعليم المشترك ليس من الناحية اللغوية فحسب، بل من الناحية الاجتماعية، أيضا. فالطلاب والطالبات في التعليم العالي لا يختلط بعضهم مع بعض، بل يشتركون في التعليم كأفراد أحرار متساوين.

كما أن شبابنا وشاباتنا في التعليم العالي يملكون من الوعي والنضج والأخلاق الراقية ما يؤهلهم إلى معرفة الصواب من الخطأ ويخولهم للالتزام بالسلوك الاجتماعي المناسب للحرم الجامعي. بالإضافة إلى ذلك، فإن الزمالة في الحرم الجامعي تفرض هيبتها على الجميع ويعتبر الخروج عليها سلوكاً شاذاً لا يقبله الجميع وعلى رأسهم طلابنا وطالباتنا.

الآن، وبعد ما يزيد عن عشرة أعوام من تطبيق قانون منع التعليم المشترك أو ما سُمي قانون منع «الاختلاط»، فإن أي تقييم موضوعي هادئ لنتائج تطبيق هذا القانون سيمكننا بسهولة من تحديد الآثار السلبية له في الجامعة والتعليم التطبيقي ومؤسسات التعليم العالي الأخرى والتي من ضمنها كثرة الشعب الدراسية المغلقة، التي يترتب عليها تأخر التخرج على الرغم من أن الشعب الدراسية زادت نسبتها مقارنة بعدد الطلبة عما كانت عليه في السابق، مما يعني زيادة عدد أعضاء هيئة التدريس والقاعات الدراسية والمختبرات والمكتبات وقاعات الحاسب الآلي والمطاعم الطلابية والمباني الجامعية الأخرى.

وإذا ما استمر الوضع على هذا المنوال، فسيصبح لدينا بدل الجامعة الواحدة جامعتان، واحدة للطلاب وأخرى للطالبات. ولنا أن نتصور مقدار التكلفة المادية والبشرية والاجتماعية لهذه السياسة التعليمية التي تُبنى على الشك والريبة بدلا من الثقة والاحترام. وبالقياس على ذلك، من الممكن أن يصبح لدينا في المستقبل وزارات للنساء ووزارات أخرى للرجال إلى أن نصل إلى أن تكون هنالك كويت للرجال وكويت للنساء!!

كنا نقوم قبل البدء في تطبيق هذا القانون بالتدريس في قاعات دراسية مشتركة وبشكل تلقائي ينقسم الطلاب والطالبات إلى قسمين يفصل بينهما مسافة يستطيع الدكتور أن يمر، لو أراد، من خلالها. أما الآن فنقوم بالتدريس في قاعات دراسية منفصلة، حيث يوجد الأستاذ في القاعة الدراسية بمفرده أمام الطلاب أو الطالبات، وعندما ينظر من النافذة الزجاجية الكبيرة أو عندما يخرج من القاعة الدراسية يرى الطلاب والطالبات يتمشون أو يتحدث بعضهم مع بعض بشكل طبيعي ومحترم، وقد يتساءل عضو هيئة التدريس، كما تساءلت مرات عديدة، ترى ألا يثق المشرعون بوجود الطلاب والطالبات في قاعة دراسية يوجد بها الأساتذة؟ بينما هم، أي الطلاب والطالبات، مع بعض بشكل إنساني طبيعي في ردهات الكلية وفي الشارع ومواقف السيارات والمجمعات التجارية المجاورة للكلية!!

من ناحية أخرى، هنالك ما يزيد على عشرة آلاف طالب وطالبة كويتي، عدد كبير منهم مبعوثون من الدولة وعدد آخر على حسابهم الخاص يتلقون تعليمهم العالي في الخارج في جامعات راقية، التعليم فيها مشترك، وقد جسدوا خلال التاريخ الطويل للدولة في الابتعاث نموذجاً راقياً جداً للأخلاق والسلوك القويم والجد والمثابرة، ولهم دائماً مواقف وطنية مشرفة، فهل نطالب الدولة بوقف البعثات الدراسية الخارجية لأن الجامعات الأجنبية والعربية يوجد بها تعليم مشترك؟!