ما القانون أو العرف الدولي الذي يغطي قراراً أميركياً باستخدام آلاف من القوات المرتزقة في العراق، في الوقت الذي لا تنفك فيه الإدارة الأميركية من مهاجمة خصومها الكبار والصغار لخروجهم أو عدم التزامهم بمقررات ما تسميه بالمجتمع الدولي وقوانينه وأعرافه المرعية؟! في خبر لافت نشرته صحيفة «الجمهورية» المصرية قبل أيام، نقلاً عن تقارير «البنتاغون»، قالت فيه إن نحو 129 ألف مقاتل من المرتزقة بينهم نحو 29 ألف أميركي، «يعملون» حالياً فوق الأراضي العراقية تحت إمرة القوات الأميركية التي تحتل العراق، لا يعلم أحد كيف دخلوا الى هذا البلد العربي المستباح ولا تحت أي حجة قانونية يمارسون مهماتهم الأمنية التي هي بالضرورة مهمات من النوع «القذر»، كما يفترض في كل «أعمال» عناصر المرتزقة في العالم!
الأسئلة المثيرة التي تطرح نفسها في مثل هذه الحالة هي:
أولاً: ما القانون أو العرف الدولي الذي يغطي قراراً أميركيا كهذا في الوقت الذي لا تنفك فيه الإدارة الأميركية من مهاجمة خصومها الكبار والصغار لخروجهم أو عدم التزامهم بمقررات ما تسميه بالمجتمع الدولي وقوانينه وأعرافه المرعية؟!
ثانياً: أين ما يُسمى بالمجتمع الدولي من مثل هذه الممارسات والانتهاكات لأبسط قواعد التعامل ما بين الدول... ولماذا هذا الصمت المريب عن مثل هذه الممارسات والانتهاكات كلما تعلق الأمر بدولة عظمى تملك قوة تحويل تصرفاتها وممارساتها إلى قانون نافذ؟!
ثالثاً: إذا كانت هذه هي حال الدولة التي تدعي رعايتها وحمايتها لأمن واستقرار الدولة التي تحتلها باسم الدفاع عن القانون والأعراف الدولية، فبأي حق تريد محاسبة الدول والقوى الإقليمية والمحلية التي تتهمها الإدارة الأميركية بتسهيل أو رعاية المقاتلين والمسلحين الذين تقول أعرافهم وتقاليدهم، كما توصي كل الأعراف والقوانين الدولية الوضعية ناهيك عن الدينية السماوية، بضرورة نجدة الجار والمظلوم والملهوف والواقع تحت أسر المحتل؟!
رابعاً: ماذا أبقت صاحبة الراية المدنية والتحررية والديموقراطية العالمية والطلائعية «والنموذجية» هذه لحكومة العراق من وجه أو صيغة كلام أو «عرق حياء» ينبض لتخاطب به جاراتها الإقليمية بخصوص ملف التدخل في الشؤون الداخلية والمراقبة الحدودية ومنع تدفق المقاتلين من أجل تحرير العراق وحريته؟! أو أن إنجاز التحرر والحرية والديموقراطية حكر على من يملك قدرة تعبئة جيوش المرتزقة والقتلة المتعددي الجنسيات فحسب؟!
وأسئلة كثيرة أخرى من شأنها لو طرحت اليوم على أي مؤسسة دولية، تحترم نفسها، لكانت كافية ليس فقط لإسقاط ما تسميه واشنطن وحلفاؤها المحليون والدوليون بالعملية السياسية الديموقراطية، بل لإسقاط الدولة العظمى نفسها من أعلى هرم المعادلة الدولية الذي تتبوأه فقط بسبب قوتها النووية والصاروخية وامتلاكها أسلحة دمار شامل فتاكة لا تقوى الشعوب المستضعفة على مقاومتها!
إنه منطق الغاب إذاً... ومنطق من لا يعترف بأحد إلا من هو تحت عباءته النووية... ومنطق أن كل شيء حلال لنا وحرام على خصومنا، وأننا نحن المجتمع الدولي والمجتمع الدولي نحن، ومن يتمرد على هذا المنطق الأعوج يصبح ملاحقاً حتى في لقمة خبزه ناهيك عن حق إبداء الرأي أو المحاججة به!
الأمين العام لمنتدى الحوار العربي الإيراني