إن إطلاق مسمى الخليج الفارسي على الخليج في الكتابات الأوروبية ليست حجة أساسية في استمرار هذه التسمية لتمسك الجمهورية الإيرانية بها، فهناك كتابات أوروبية أطلقت في القرن العشرين مسميات أخرى على الخليج منها الخليج العربي، أو الخليج العربي الفارسي.عند حضور الرئيس الإيراني اجتماع القمة لمجلس التعاون الأخير في قطر ذكر اسم الخليج بالفارسي ولم يرد عليه أحد، وتصرّ إيران منذ عهد الشاه محمد رضا بهلوي وفي عهد الجمهورية الإسلامية على التمسك بهذه التسمية، فما قصة تسمية الخليج؟ وهل يشكل المسمى إشكالية وعقبة ضمن الإشكاليات والعقبات بين إيران ودول الخليج العربية؟
لقد جُبلت العقلية العربية خصوصاً الرسمية على التراجع والمجاملة ومراعاة الآخر، لكن هناك قضايا استراتيجية ومصيرية لا تحتمل التراجع والمجاملة والمراعاة، مثل مسمى الخليج لسبب جوهري هو أن المسمى قانونياً يحمل مفهوم السيادة، وذلك يعني أن تسمية الخليج بالفارسي بأنه فارسي بضفتيه، وكما تؤكد إيران ذلك مراراً وتكراراً بأن التسمية التاريخية هي الفارسي، والخليج من بدايته إلى نهايته فارسي! ولذلك نراها تتمسك بالجزر الإماراتية التي احتلتها عام 1971، ويكرر بعضهم في إيران بأن البحرين جزء من إيران على الرغم من اعترافها بها كدولة مستقلة، بيد أن إيران لا تبادر إلى حل الخلافات حول الجرف القاري في الخليج والحدود البحرية، وهناك مشكلات أخرى.
إذا كان اسم الخليج تاريخياً فارسياً أم عربياً فإن إيران ليست هي التي أطلقت هذا الاسم على الخليج، بل هو أحد قادة الإسكندر الأكبر العسكريين وهو في طريقه إلى غزو الهند في القرن الرابع قبل الميلاد، وسمي الخليج بعدة تسميات في العصور الوسطى والعصر الحديث، وكان اسمه «البحر الأسفل» قبل تسميته بالخليج الفارسي، ثم إن إيران دولة إسلامية غير عنصرية وتسمية الخليج الفارسي له بُعد عنصري، ثم إن للخليج ضفتين إحداهما عربية والأخرى إيرانية فكيف يسمى بالفارسي؟ ومن قال إن هناك شيئاً اسمه الحق التاريخي في التسمية؟ وإلا كانت ادعاءات إسرائيل بفلسطين وادعاءات صدام حسين صحيحة!
إن إطلاق مسمى الخليج الفارسي على الخليج في الكتابات الأوروبية ليست حجة أساسية في استمرار هذه التسمية لتمسك الجمهورية الإيرانية بها، فهناك كتابات أوروبية أطلقت في القرن العشرين مسميات أخرى على الخليج منها الخليج العربي، أو الخليج العربي الفارسي، إضافة إلى تسميات عربية بعد ظهور الإسلام مثل خليج العرب، وخليج البحرين، وخليج البصرة... إلخ.
عاملان أساسيان يحكمان العلاقات بين الجمهورية الإيرانية ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية هما: الأمن في المنطقة والمصالح المشتركة، ولذلك لابد من حل المشكلات بين دول الخليج وإيران حتى يتحقق الأمن وتكون العلاقات طبيعية بين الطرفين.
ولا نريد أن يخضع الأمر للاعتبارات السياسية، ولا إلى المبدأ الكبير والصغير أو القوي والضعيف بل إلى التوازن في العلاقات وحق كل طرف ومصالحه، وبعد دراسة متأنية قمنا بها لموضوع المسمى والتي سبق نشرها في إحدى الدوريات العلمية قبل عدة سنوات تحت عنوان هذه المقالة نقترح تسمية الخليج بالخليج العربي الإيراني، وإذا أصرت الجمهورية الإيرانية على تسميته بالخليج الفارسي فمن حق العرب خصوصاً دول المنطقة التمسك بتسميته بالخليج العربي!