من يوميات متفائل محبط!

نشر في 05-12-2007
آخر تحديث 05-12-2007 | 00:00
 أحمد عيسى

تغيب الشمس منذرة بأفول يوم عادي في حياتي، انتهى بديوانية يشتكي روادها غياب القانون وارتفاع أسعار الأراضي، وتردي الخدمات، وهبوط البورصة وغياب الحريات، وغيرها من منغصات، أجهل حتى الآن سبب تفشيها في أغنى بلدان العالم.

يعتريني القلق وأنا أتابع ما آلت إليه الأمور في وطني، الدولة غائبة، والقانون كذلك، الكل يشتكي، ثم يعود ويقدم الحل، ولا أحد يرى أملاً سيولد من الرماد كما طائر الفينيق الأسطوري.

أركب سيارتي متجها إلى العمل، الزحام يخنقني، شرطي وحيد ينظم حركة السير، كان واقفا بشموخ أمام عاصفة سيارات عاتية، رسم سائقوها لوحة عنوانها غياب قانون المرور.

أراجع مؤسسة حكومية، الروتين يشلني، الموظفون لا يكترثون بمسؤولياتهم، الفساد ينخر بالمؤسسات الرسمية، أتصفح الجرائد اليومية، الكثرة تغلب الشجاعة، أحبار وصفحات وصور لمسؤولين، يجمعهم إيمانهم بأن غداً سيكون أفضل من اليوم، وأن عاماً فقط يفصلنا عن تسميتنا عاصمة مالية للعالم.

أقلب بريدي، هنا رسالة تاهت جداً، ووصلت للتو متأخرة لتهنئتي بعيد الأضحى الماضي، يرن هاتفي، صديق على الطرف الآخر يشكو تردي الخدمات الصحية، يعقبه آخر ينتقد التعليم، أصمت، أحاول تجاوز اللحظة، أغلق عيني، أتأمل المشهد بعد عام، تسحبني من حلمي رسالة خبرية على هاتفي النقال، فحواها تصعيد نيابي سبّبه سوء حكومي.

أتأمل العاصمة الحزينة، الأبراج تشيد بينما تغص الشوارع بمرتاديها، تسلحت «الكويت» بالأسمنت وتنكرت للجمال، أنسحب جنوباً، إعلانات و«فزعات» تفوح منها قبلية مقيتة، أرتحل شمالاً، الفوضى والبؤس يلاحقاني، وكأني سقطت وسط صفحة من كتاب يصور تاريخ البشرية قبل قرن.

أعود أدراجي، «الصحراء» تلفني أينما ذهبت، أراقب وجوها أنساها الزمن معنى الابتسامة، فبدت شاحبة، ذاهلة، تعاني القلق من المستقبل، أفتش عن أمل فأعجز، تنتابني حالة إعياء من فرط الإحباط، أتسلح برغبة عارمة في الفرح، أتجه إلى الأسواق القديمة، أفتش عنه، ربما أجده على وجوه الرعيل الأول، جيل ما قبل النفط و»التسييس»، حتماً سيكون هناك منتظراً أن يمرره أحد ما إلى ما بعد ذلك الجيل، لكنني وصلت متأخراً جداً.

تغيب الشمس منذرة بأفول يوم عادي في حياتي، انتهى بديوانية يشتكي روادها غياب القانون وارتفاع أسعار الأراضي، وتردي الخدمات، وهبوط البورصة وغياب الحريات، وغيرها من منغصات، أجهل حتى الآن سبب تفشيها في أغنى بلدان العالم.

أعود وحيداً إلى غرفتي، ألملم ما تبقى لي من روح، أجمعها وأصرها بالقلب، تعطيني دفئاً يمكنني من النوم، أغفو فأحلم بغدٍ أفضل، أصحو صبيحة اليوم التالي متفائلاً، أستقل سيارتي، أتجه إلى مقر العمل، فيكون يومي كأمسي، لكنني مع ذلك سأبقى متفائلا، فلم يبق إلا القليل قبل أن ينتهي هذا العام!

back to top