Ad

إن الحكومة غائبة وليس لها حضور أو تجاوب مباشر مع ما يجرى في الساحة المحلية. ومن ذلك زيادة رواتب وأجور موظفي الدولة، واعتماد الكوادر الخاصة بالعاملين في مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية ومؤسسة البترول وأطباء وزارة الصحة، ومشكلة «مغنية» فهل يا ترى سنرى حضوراً حكومياً سريعاً و فاعلاً في القادم من الأيام؟

يلاحظ المتابع للشأن العام، في الكثير من الأحيان، أن الحكومة غائبة وليس لها حضور أو تجاوب مباشر وسريع مع ما يجرى في الساحة المحلية. والأمثلة على ذلك كثيرة، ولكننا سنكتفي هنا باثنين منها وهما:

الأول هو موضوع زيادة رواتب وأجور موظفي الدولة الذي بدأ عندما اتخذت الحكومة ممثلة بمجلس الخدمة المدنية قراراً باعتماد الكوادر الخاصة بالعاملين في مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية ومؤسسة البترول وأطباء وزارة الصحة. هذا القرار الذي «زفته» الحكومة، في ساعة متأخرة من الليل، للعاملين في تلك القطاعات مدعية أنها اتخذت هذا القرار بعد دراسة استمرت عدة شهور. ولكن وبعد أيام قليلة اتخذت الحكومة قراراً مفاجئا بتجميد هذه الكوادر، التي أقرتها بعد دراسة متأنية!! بحجة أنها ستقوم بتكليف البنك الدولي بإعداد دراسة شاملة لنظام الرواتب والأجور في الدولة. ومذّاك توالت علينا التصريحات الحكومية، فهذا مصدر حكومي يذكر أن الزيادة ستكون مجزية وستشمل الجميع، وذاك مصدر حكومي آخر يعلن أن الزيادة لن تشمل أصحاب الكوادر الخاصة وستقسم الرواتب إلى شرائح. ومصدر ثالث يشيد بجهود البنك الدولي الذي سينجز الدراسة في الوقت المحدد من قبل الحكومة رغم تحفظه على الزيادة التي ستقرها الحكومة! مما جعل الناس تصبح وتمسي على تصريحات المصادر الحكومية المختلفة، فلا تكاد تخلو صحيفة يومية منذ شهرين تقريبا من تصريح لمصدر رسمي «مطلع» يتناول موضوع زيادة الرواتب ويربطها بدراسة البنك الدولي المتحفظ أصلا على الزيادة! وبعد رفع سقف التوقعات، تعلن الحكومة في بيان مقتضب لوكالة الأنباء الكويتية أن الزيادة ستكون 120 ديناراً وستشمل جميع العاملين في الحكومة والقطاع الخاص والمتقاعدين مع إقرار الكوادر الثلاثة سالفة الذكر كما هي و«كفى الله المؤمنين شر القتال»! ويبقى الكثير من الأسئلة من دون أجوبة مثل: لماذا 120 ديناراً؟ هل هي نتيجة لدراسة البنك الدولي أم أنها رأي الحكومة؟ ماذا حصل بشرائح الرواتب؟ وما تكلفة دراسة البنك؟ ولماذا لم تنشر الدراسة رغم أن وكيل ديوان الخدمة المدنية قد سبق أن صرح بأن الديوان سيقوم بنشرها كاملة؟ وما الأسس التي تمت الزيادة بناء عليها؟ ولماذا استغرقت كل هذه المدة لتنتهي بمبلغ مقطوع لكل شرائح الرواتب؟ كل هذه الأسئلة وغيرها مما يشغل بال جميع العاملين في الدولة، يبدو أنها لم تثر اهتمام الحكومة، الأمر الذي جعلها تتوارى عن الأنظار وتتركها عالقة في أذهان الناس، فلم تعقد حتى مؤتمراً صحفياً توضح فيه للناس المعلومات والبيانات التي اعتمدت عليها لإقرار هذه الزيادة.

أما المثال الثاني الذي يدل على غياب الحكومة فهو مجلس التأبين الخاص بالقائد العسكري لـ«حزب الله» عماد مغنية والذي شارك فيه ممثلو التحالف الوطني الإسلامي النائبان عدنان عبدالصمد وأحمد لاري، وما ترتب عليه من شد وفرز طائفي بغيض. فلقد تأخرت الحكومة في إعلان موقف واضح وصريح من هذا الحدث الذي استفز الأغلبية العظمى من الكويتيين بجميع فئاتهم وطوائفهم مما جعل الناس في حيرة من أمرهم. ليس هذا فحسب بل إنه مما زاد الطين بلة، قيام الحكومة خلال ساعتين بإصدار بيانين متناقضين. تعتبر المؤبن، في البيان الأول، مشتبهاً فيه، بينما تعتبره، في الثاني، متهماً بارتكاب عدة جرائم. على أنه لم يرد في أي من البيانين أي اتهام مباشر وصريح للمؤبن باختطاف طائرة «الجابرية» وقتل مواطنين من ركابها وترويع البقية، مما جعل البيانين بحاجة إلى بيان تركته الحكومة مفتوحاً!

ثم تتوالى تداعيات مجلس التأبين وما حملته هذه التداعيات من اتهامات طالت منظميه والمشاركين فيه، ووصلت إلى حد التخوين والعمالة والمطالبة بسحب الجنسية والتهديد «بالعنف» في ساحة الصفاة. لا بل وتعدتهم الاتهامات، في بعض الأحيان، لتشمل كل أفراد الطائفة مما زاد من حدة الفرز الطائفي وأثار وأجج الاستقطابات الطائفية بشكل خطير يهدد الوحدة الوطنية.

كل هذا والحكومة صامتة وكأن الأمر لا يعنيها. فهل يا ترى سيستمر هذا الغياب أم سنرى حضوراً حكومياً سريعاً و فاعلاً في القادم من الأيام؟