قفوا... لحسين الحريتي احتراماً!!

نشر في 27-01-2008
آخر تحديث 27-01-2008 | 00:00
 سعد العجمي

قيام الحريتي بالتصويت لمصلحة الوزيرة وليس لمصلحة ابن عمه النائب سعد الشريع يمثل موقفاً تاريخياً لم تألفه قاعة عبدالله السالم في السابق، بل إنه قد يشكل مرحلة جديدة في العمل البرلماني.

رغم أن نورية الصبيح قد تكون استحقت ذلك التصفيق «وقوفاً» لها من قبل الحضور بعد أن تجاوزت حجب الثقة بفارق مريح من الأصوات، فإنني أعتقد أن هناك شخصاً داخل القاعة يومها، كان يستحق أضعاف ما حصلت عليه نورية من تصفيق وثناء ومديح خلال الجلسة وبعدها.

نعم ياسادة النائب الفاضل حسين الحريتي كان يستحق ما هو أكثر بكثير من مجرد كفين تصطدمان بعضهما بعضا فتحدثان صوتاً يقال له «تصفيق»، قد نقوم به مجاملة تجاه وزير أنهى كلمة مملة في افتتاح ندوة أو تجمع، وقد يطلقها مجموعة من الموظفين مرغمين لأحد مسؤوليهم في العمل إثر وعد يطلقه بشراء أثاث جديد لمكاتبهم.

قيام الحريتي بالتصويت لمصلحة الوزيرة وليس لمصلحة ابن عمه النائب سعد الشريع يمثل موقفاً تاريخياً لم تألفه قاعة عبدالله السالم في السابق، بل إنه قد يشكل مرحلة جديدة في العمل البرلماني عنوانها «القناعه أولا وليس المصالحة».

ولأن الذي يده في النار «مثلي» ليس كمن يده في الماء، فإن كثيرين قد لا يدركون هول وصعوبة مخالفة القبيلة في أمر متفق عليه بين أبنائها، كون ذلك يعني أنك ستواجه الكثير من الاحراجات والمضايقات والغمز واللمز في كل ديوان تدخله أو في كل مناسبة تحضرها، وهو الوضع الذي اعتقد أن الحريتي واجهه منذ الثلاثاء الماضي، وسيظل يدفع ثمنه إلى ما شاء الله.

من السهل جداً عليك أن تكسر أو تخالف القانون، لكن الصعوبة التي تبرهن معادن الرجال، تكمن في كسر «العرف» الذي يكون أقوى منزلة من قانون هو في الأصل عرضة للتعديل، وربما للتغير، أما الأعراف وخصوصاً القبلية منها، فهي، من واقع معايشتي لها ومن فرط غلوها، قد تتجاوز في قدسيتها وعدم المساس بها حتى النصوص القرآنية والأحكام الشرعية، على اعتبار أن الله سبحانه وتعالى غفور رحيم، يغفر لك ذنبك بالاستغفار والكفارة، أما في عرف القبيلة فلا كفارة ولا مغفرة إن أنت خالفت عرفها، بل إن ما اقترفته من خطأ قد يلحق بجماعتك وأقربائك، وأبنائك من بعدك، إذ إن العقوبات القبلية في كثير من الأحيان ليست شخصية، بل جماعية.

على كل قد لا يكون المؤيدون للاستجواب، وأبناء قبيلة العوازم العزيزة بحاجة إلى صوت الحريتي، كما هو الحال بالنسبة للصبيح ومناصريها، نظراً لفارق الأصوات بين المعسكرين، لكن الكويت كانت بحاجة ماسة جداً إلى ذلك الصوت في هذا الوقت بالتحديد، ليُسقط هراءات وادعاءات مجانين الصحافة والسياسة لدينا، الذين وصموا الاستجواب بأنه قبلي وفئوي، ليأتي موقف الحريتي هذا بمنزلة اللجام لأهوائهم الطائشة.

وحتى أكون منصفاً أيضاً فإن إغفال موقف النائب وليد الطبطبائي سيكون إجحافاً أمارسه بحق هذا النائب الفاضل، فتصويته مع طرح الثقة عن الوزيرة وهي من أبناء دائرته الانتخابية يثبت بما لايدع مجالاً للشك أن المصلحة الانتخابية وتأثيرات المنطقة تأتي في آخر اهتمامات هذا النائب، ويعكس أيضا أن القضية ليست «بدو وحضر» كما صورها بعضهم، فشكراً للنائبين على هذا الموقف الذي قد يؤثر فيهما ويقلص من حظوظهما في الانتخابات القادمة، لكنهما بالتأكيد على استعداد للخسارة مادامت الكويت هي التي كسبت في النهاية.

back to top