Ad

إن أي مستمع صادق وعاقل ولبيب لا يسعه اليوم وهو ينصت إلى خطاباتكم المعادية لسورية وإيران، إلا أن تترسخ لديه القناعة بأنكم وصلتم إلى القاع، أو كما يقول المثل العامي «صرتم على الحديدة»، وبكلمة أخرى فقد أفلستم، ولم يبق أمامكم إلا الاقتراض من رصيد أدبيات الصراع ضد العدو الصهيوني، وهي أدبيات العقل الجمعي للأمة ورصيدها الذي لا ينضب.

إنه لأمر عجيب فعلا أن يذهب «الخيال» حتى لا نقول شيئاً آخر، ببعض قوى «14 با زار» عشية انعقاد مؤتمر القمة العربية في دمشق إلى حد الحديث عن مؤامرة سموها «بالتحالف الشيطاني الإسرائيلي -الإيراني ضد لبنان تقوم سورية فيه بدور رأس الحربة» ولذلك هم يطالبون بمقاطعة مؤتمر القمة العربية في دمشق، وأن الهدف الأسمى لمثل هذه المطالبة هو الدفاع عن عروبة لبنان!

ألا يعتقد هؤلاء، لاسيما من كان منهم يوما في صف الوطنية والعروبة، أنهم بذلك قد أضاعوا اتجاه البوصلة فعلا بشكل خطير، إذا لم يكونوا قد وقعوا في فخ مؤامرة تحطيم البوصلة من الأساس؟!

لمصلحة من يقدم مثل هذا التحليل الخرافي اليوم، الذي بدأ يجد أصداء له للأسف الشديد عند بعضهم ممن يحسبون على «عقلاء» القوم أو وجهائهم؟!

يمكن للمرء أن يتفهم وجود عداوات أو خصوم أو تنافر أو تعارض مصالح مع النظام في سورية أو النظام في إيران في لحظة ما تمنعه من الدفاع عن سياسات هذين النظامين، بل أن يذهب إلى أبعد من ذلك فيقرر التصدي لهذه السياسات حتى لا تهدد مصالحه المستجدة والمنسوجة على قاعدة تحالفات جديدة!

لكن التوسل «بالخرافة» وحياكة الأوهام و«الإبداع» الفائق في صناعة أساليب التضليل والخداع مع جمهور يفترض به أنه محصن ضد العدو التاريخي للأمة كما هي الحال مع الجمهور اللبناني، سيجعل مصير صاحبه بلا شك أقرب ما يكون إلى مصير ذلك الراعي الكذاب في قصته الشهيرة التي أودت بكل قطيعة عندما رفض الناس أن يصدقوه في لحظة هجوم الذئب الحقيقي عليه لكثرة كذبه عليهم!

كيف يكون هنالك تحالف شيطاني بين إسرائيل وإيران وأنتم ومن هم من ورائكم من طلائع المجتمع الدولي الذي عليه تعولون، تصرخون صباح مساء: أن يا أيها الناس والأمم تعالوا لتشكيل جبهة عالمية متحدة لإنقاذ إسرائيل من مخطط إيران الشرير القاضي بتدمير دولة إسرائيل؟!

وكيف تكون سورية رأس الحربة في هذا المخطط الجهنمي ضدكم وأنتم تتهمونها بأنها باتت الجسر والأداة الطيعة بيد إيران التي لا هم لها إلا تحويل لبنان إلى ترسانة ضخمة للأسلحة الصاروخية بهدف إزالة إسرائيل من الوجود محملة بذلك لبنان لوحده مهمة محاربة إسرائيل، وخلافا للإجماع العربي الراغب بالسلام؟!

ثم إن أميركا الموسومة بالشيطان الأكبر من قبل إيران ومن قبل حليفتها سورية التي تفتخر اليوم بأن قمتها «خالية من أي فايروس أميركي» بعد أن قررتم مقاطعة هذه القمة العربية بامتياز، لماذا لم تضع أميركا هذه كل ثقلها إلى جانب هذا التحالف العظيم الذي تدعون مع أهم حلفائها بل مع فلذة كبدها والربيبة المدللة لديها في كل العهود والأزمان، بدل أن تضع كل ثقلها وبصورة خيالية وغير مسبوقة على الإطلاق إلى جانب حكومتكم البتراء وأكثريتكم المسروقة والمغتصبة كما يسميها ثلثا هذا التحالف الشيطاني الخيالي والموهوم؟!

إن أي مستمع صادق وعاقل ولبيب لا يسعه اليوم وهو ينصت إلى خطاباتكم المعادية لسورية وإيران إلا أن تترسخ لديه القناعة بأنكم وصلتم إلى القاع، أو كما يقول المثل العامي «صرتم على الحديدة»، وبكلمة أخرى فقد أفلستم، ولم يبق أمامكم إلا الاقتراض من رصيد أدبيات الصراع ضد العدو الصهيوني، وهي أدبيات العقل الجمعي للأمة بالمناسبة ورصيدها الذي لا ينضب، ونعتبر ذلك فأل خير إن قررتم العودة فعلا إلى جادة الصواب، شرط ألا تحرفوا الكلم عن مواضعه، لأن الناس لن تقبل منكم أي كذبة جديدة، خاصة بعد خوضكم تجربة مرة وقاسية مع كبار كذابي العالم ومحتاليه وصانعي الحروب التضليلية بامتياز، أي إدارة الشر المطلق والشيطان الأكبر أميركا! فهل ثمة أمل لعودة الابن الضال إلى أهله؟ أم أن بعضكم مصرّ على دفع مجموعة «البازار» كلها إلى مجرد بيادق في محرقة «هرمجدون» الصهيونية؟!

* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي - الإيراني