في ظني أن الحكومة ستسجل رقماً قياسياً في استعادة هيبتها لو أنها جندت قدراتها الأمنية والاستخباراتية في القبض على الذين يقومون بشراء الأصوات وقد أصبحت أخبارهم وأسعارهم حديث الناس.ترددت في الفترة الأخيرة الكثير من الأقوال حول ضياع هيبة الحكومة، بين المطالبين بعودتها لممارسة دورها واستعادة تجميع اللبن المسكوب عن طريق الحزم والشدة، وبين القائلين بالضعف المستحكم.
ولعل بعضنا يظن، وربما عن حسن نية، أن الوسيلة لاستعادة تلك الهيبة إنما تتجلى في إظهار القوة المجردة، وعسكرة المجتمع، والمظاهر الأمنية المبالغ فيها. وهي ظنون بعيدة عن الهدف، بل إنها لن تجني في محصلتها إلا مزيداً من فقدان الهيبة، وتكراراً للخيبة وتعميقاً للمأزق السياسي.
بل إن عودة الحكومة عن عزمها إصدار قانون التجمعات غير الدستوري يأتي في إطار استعادة الهيبة المفقودة، ويجنبنا الدخول في خيبات جديدة، فتراجع الحكومة عن ذلك القانون بنصه المعلن هو خطوة محمودة وفي الطريق الصحيح، ونأمل أن تتبعها خطوات مثل الإعلان عن سحبه كاملاً ومناقشة فكرة القانون بمبادئ تتماهى مع الدستور مع المجلس القادم.
وفي ظني أن الحكومة ستسجل رقماً قياسياً في استعادة هيبتها لو أنها جندت قدراتها الأمنية والاستخباراتية في القبض على الذين يقومون بشراء الأصوات، وقد أصبحت أخبارهم وأسعارهم حديث الناس، وسيكون ضبطها بالتأكيد أسهل من عملية ضبط الانتخابات الفرعية التي لم يشاهدها أحد ولكننا شاهدنا نتائجها. اضبطوا شراء الأصوات وقيسوا هيبة الحكومة بعدها.
لن يتم استعادة تلك الهيبة على أي حال إلا من خلال التمسك بالدستور والحرص على تطبيق القانون بعدالة ومساواة بين الجميع، وليس هناك حاجة لتبيان وتوضيح أن الحالات السابقة كلها التي حاولت فيها الحكومة «فرض هيبتها» عن طريق الابتعاد عن الدستور، إنما أدت إلى مزيد من الانكسار والتدهور وتأصيل الخيبة ليس إلا.
* أحمد الربعي مجدداً:
الحاضر الغائب أحمد الربعي كان ومازال في الخاطر والوجدان، بالأمس نظمت جمعية الخريجين وبجهد شبابي ملحوظ احتفالية رائعة لذكراه، فكانت جهداً رقيقاً، ناعم الملمس، جديداً مختلفاً عن مناسبات مشابهة، الجهد كان رائعاً، وترك أثراً كبيراً في النفس، فالشكر لكل من ساهم.