Ad

أثناء زيارتنا لجلالة ملك إسبانيا الملك خوان كارلوس قال بالحرف الواحد «بلغوا تحياتي لأخي وصديقي المخلص سمو الأمير وأتمنى مشاركة الكويت في المؤتمر الدولي الذي سيقام في مدينة سرقسطة بشأن المياه والتنمية المستدامة، لأنني معجب بالتجربة الكويتية في مجال تحلية المياه»، لكننا دهشنا عندما علمنا أن وزارة الإعلام الكويتية سوف تعتذر عن عدم المشاركة في إقامة جناح كويتي في هذا الملتقى بسبب عدم وجود ميزانية!

تميزت الكويت بفاعلية دبلوماسيتها الخارجية ونجحت في تدشين شبكة قوية من العلاقات الدولية منذ بداية الاستقلال وحتى قبيل العدوان العراقي عام 1990، واستطاعت رغم كونها بلداً صغيراً أن تتمتع بسمعة طيبة من خلال مثلث دبلوماسية الدينار وتجسيد مبدأ الحياد الإيجابي والقيام بدور نشط في الوساطة الحميدة والمساهمة في حل الأزمات بالطرق السلمية عبر الحوار والتفاوض، وكان للاستقرار السياسي والدور الريادي لصاحب السمو الأمير إبان توليه إدارة السياسة الخارجية مدة طويلة ووفق منهجية متكاملة الفضل الكبير في تحقيق تلك المكانة العالمية.

ولكن عصر ما بعد التحرير أكل الأخضر واليابس من حيوية البلد ونشاطه، وسجل إنجازاته التنموية بما في ذلك تاريخ دبلوماسيته النشطة التي تخدرت أكثر تحت ذريعة الاتفاقيات الأمنية مع الدول العظمى وزوال نظام صدام.

فالسياسة الخارجية الكويتية، كما الكثير من القطاعات الحيوية، بحاجة ماسة إلى إعادة تقييم ورسم منهجية تواكب روح العصر ومتطلبات العولمة ومؤسساتها وقوانينها والانفتاح الرهيب والمتوسع للعالم وانعكاسات ذلك على الداخل وبالعكس.

فقد دهشنا أثناء الزيارة البرلمانية لمملكة إسبانيا، ولاسيما عند زيارة جلالة الملك خوان كارلوس عندما قال بالحرف الواحد «بلغوا تحياتي لأخي وصديقي المخلص سمو الأمير وأتمنى مشاركة الكويت في المؤتمر الدولي الذي سيقام في مدينة سرقسطة بشأن المياه والتنمية المستدامة، لأنني معجب بالتجربة الكويتية في مجال تحلية المياه»، كما أكد هذه الدعوة كل من رئيس مجلس الشيوخ ورؤساء لجان الخارجية والاقتصادية والصداقة الإسبانية الكويتية.

ولكن الدهشة كانت أمر عندما علمنا أن وزارة الإعلام الكويتية سوف تعتذر عن عدم المشاركة في إقامة جناح كويتي في هذا الملتقى الممتد ثلاثة أشهر وبمشاركة أكثر من مئة دولة في العالم بسبب عدم وجود ميزانية! فبالله عليك يا وزارة الإعلام ويا وزارة الخارجية ويا وزارة الكهرباء والماء ويا مجلس الوزراء كم تكلف ميزانية إيفاد مهندس وإعلامي لمعرض بهذه الأهمية؟ وهل توازي تكاليف استضافة مطربة أو «رقاصة» مدة ثلاثة أيام؟ وهل تبلغ جناح بعوضة من مئات الملايين التي تبعثر سنوياً على حكومات وزعماء وشعوب كلما نالوا المزيد زاد حقدهم علينا!

لقد سقت هذا المثال فقط للاستدلال على مستوى السلبية والإهمال الذي غدا يفرغ ذلك التراث الدبلوماسي العريق، وليست السياسة الخارجية مجرد المشاركة في مؤتمر يتمنى ملك ثامن أكبر اقتصاد في العالم مشاركة بلدنا فيه بالاسم، ولكن حركة العولمة ومساراتها اللامتناهية تتطلب حركة متواصلة عبر القارات ثقافياً وإعلامياً واقتصادياً، الأمر الذي يحتم التنسيق المستمر بين الوزارات المعنية بهذه القضايا، ولكنها تفتقر أصلاً إلى التنسيق في ما بينها داخل الكويت؟

كما يجب الاستثمار في جيل الدبلوماسيين المعاصرين الذين يرون العالم الخارجي من خلال مقار بعثاتهم ويجب أن تدار الدبلوماسية وفق منظورهم ورؤيتهم العالمية لأننا بالفعل نملك ثروة وطنية منهم، ومن تطبيقات ذلك سعادة السفير عادل العيار الذي يباشر مهامه كسفير منذ سنة واحدة كانت كفيلة بنجاحه في خلق علاقات متينة نال عليها إعجاب الملك وجميع المسؤولين الكبار في إسبانيا.

ختاماً أقترح على الأخ الفاضل وزير الإعلام الذي أبدى اهتماماً مشكوراً لهذا الموضوع أن يستنفر في وزارته وبالتنسيق مع وزارة الكهرباء والماء للمشاركة الجادة في مؤتمر سرقسطة، بل نأمل أن يشارك الوزير العليم شخصياً بعرض فني شامل لتجربة الكويت في تحلية المياه كمحاضر رئيسي في فعاليات هذا الملتقى، ولكن حذار أن يشير إلى مشاكلنا الحالية في القطع المبرمج للماء والكهرباء!