Ad

لا خشية على الخيار الديموقراطي من كل ممارسة سلبية تعرقل مساره، ما دمنا على قناعة تامة بأنه الخيار الصحيح الذي لا نكوص عنه أبداً، وهو أمر يستوجب من كل المؤمنين بجدوى الديموقراطية البرهنة على ذلك بالأفعال الساعية إلى إرساء قواعدها وإجراءاتها، ولابأس علينا الحين، ولا على ديموقراطيتنا إذا كان الراعي «الحصري» لها يتبدى في الديوانية.

* شرعت الصحف الوطنية باستفتاء نجوم المجتمع وأعلامه عن رأيهم في نوعية النواب الجدد الذين سيختارونهم للمجلس النيابي القادم، وعلى الرغم من تفاوت إجابة الذين واللواتي تم استجوابهم، فإن العامل المشترك الذي يجمع بين أغلب الأجوبة يتبدى في الهوّة السحيقة التي تفصل بين القول والفعل! وتراها مجسّدة في الشعارات المثالية الطوباوية المدغدغة لمشاعر الناخبين، والممارسات الفعلية المخيبة للآمال والمفضية إلى القنوط والإحباط!

إن البرامج الانتخابية مرتبطة عضوياً بحضور الأحزاب، لذا فإن أي برامج تطرح خارج هذا السياق تغدو مجرد حبر على ورق، وصرخة في واد غير ذي أحزاب! والمستفيد من الشعارات التي ستزرع في بر الكويت وترابها، هم النجارون والخطاطون وباعة القماش «الأميركي» الذي يهفهف ويطير من دون أن يخلف صدى أو تأثيراً في جموع الناخبين! اللهم إلا إذا كان المرشح صاحب الشعار سبق امتحانه في المجلس وكان قوله فعلاً يدب بقاعة «عبدالله السالم».

* ولعل المعايير الاجتماعية والأخلاقية قد تكون مؤثرة في خيارات الناخبين وعملية اقتراعهم أكثر من الشعارات المثالية الطوباوية إياها، فتجد أن المرشح الاجتماعي الذي يصل الناخبين، ويزورهم دورياً في دواوينهم، ويشاركهم في الأفراح والأتراح في كل حين، هو المرشح المفضل لدى العديد من الناخبين... خصوصاً كبار السن والكهول الذين «يروزون»، ويزنون المرشح بمعايير الاتصال والتواصل أولا وقبل كل شيء! ومن هنا يمكننا القول إن الراعي الرسمي لانتخابات هذه الفئة من الناخبين يكمن في الديوانية: الباب الملكي الذي يفضي إلى قلوب الناخبين! وفي هذا السياق: سمعت الجمعة الماضية في أحد مساجد منطقة كيفان إثر صلاة الجمعة، هجاء مراً لعلع به بعض الناخبين ضد أحد المرشحين، لأنه إنسان «قاطع» لا يحفل بإرضاء الراعي الرسمي لاختيارهم! الأمر الذي قد يؤدي إلى خسارته مقعده النيابي من جراء عزوفه عن القيام بالواجبات الاجتماعية تجاه ناخبيه!

* والمعيار السابق يشي بأننا مازلنا نراوح في سنة أولى ديموقراطية، ونحتاج إلى وقت طويل من الممارسة الديموقراطية والإمعان في ممارساتها رغم كبواتها وهناتها وأخطائها... وحتى خطاياها! فلا مهرب من الديموقراطية إلا باللوذ بها واللجوء إليها. كما فعلت الأمم التي سبقتنا في الخيار الديموقراطي، فهي لم تصل إلى المرتبة الحالية التي هي محل إعجابنا وتقديرنا إلا بعد ركام تجارب شتى، سلخت من عمر الأمم والشعوب - ذات النهج الديموقراطي- عقوداً كثيرة من السنين! ومن هنا: لا خشية على الخيار الديموقراطي من كل ممارسة سلبية تعرقل مساره، ما دمنا على قناعة تامة بأنه الخيار الصحيح الذي لا نكوص عنه أبداً وهو أمر يستوجب من كل المؤمنين بجدوى الديموقراطية البرهنة على ذلك بالأفعال الساعية إلى إرساء قواعدها وإجراءاتها، ولابأس علينا الحين، ولا على ديموقراطيتنا إذا كان الراعي «الحصري» لها يتبدى في الديوانية، والمصالح الذاتية، لأنه سيأتي اليوم الذي تكون فيه مصلحة البلاد والعباد هي الراعي الرسمي الحصري لها، ولو حين تحج البقر على قرونها!