بعد أن شرح الدكتور فضل في الحلقات الثلاث السابقة تحريم استهداف السياح والمدنيين في بلادنا والأجانب في بلادهم، ينبه اليوم إلى جريمة إضافية ترتكبها «القاعدة» وهي بث شرائط مصورة لعملياتها، معتبراً أن ذلك يدخل ضمن التفاخر بالمعاصي، ويطالب المسلمين بعدم الإعجاب بهذه العمليات حتى لا ينالهم وزر من شاركوا فيها.

Ad

ويحدد المؤلف ستة ضوابط شرعية لإصدار حكم التكفير على أي شخص، ورغم أنه لم يصل إلى حد الرفض النهائي لتوجيه هذا الاتهام الخطير، بل على العكس دافع عن أحقية من تتوافر فيه شروط الأهلية الشرعية في إصدار الحكم بالتكفير فإنه حاصر ظاهرة التوسع في التكفير من خلال الضوابط التي حددها.

ويشير الدكتور فضل إلى أنه حتى الشخص الذي يُدان بالكفر يظل من حقه أن تعرض عليه التوبة وأن يشرح موقفه، ثم إذا ثبت بعد ذلك كفره قطعياً فلا يلزم تنفيذ العقوبة عليه مادام المسلمون مستضعفين وليس بيدهم مقاليد الأمر، أو إذا ترتبت مفسدة محتملة على إنزال هذه العقوبة.

وفي ما يلي نص الحلقة التاسعة من الكتاب:

تنبيه على ما ورد في البنود السابع والثامن والتاسع:

عدم جواز الفرح أو التفاخر بالمعاصي:

قد تبين من البنود السابقة أن ضرب الأجانب والسياح في بلادنا وأن العمليات القتالية داخل دار الحرب (بلاد الأجانب)، وكذلك قتل المدنيين بالصور التي شاعت في السنوات الأخيرة، من المعاصي المحرمة التي اشتملت على سفك الدماء وإتلاف الأموال المحرمة كما اشتملت على الغدر والعدوان، وكل هذه من كبائر الذنوب التي لا يجوز لمسلم أن يفرح أو يفتخر بها لقول النبي صلى الله عليه وسلم «من سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن» حديث صحيح رواه الطبراني في الكبير عن أبي موسى رضي الله عنه. وقد حملت الرغبة في التشفي من أعداء الإسلام بعض المسلمين على الفرح والسرور بهذه المعاصي المذكورة، وهذا من الجهل بالدين ومن نقص الإيمان، لأن من سرته السيئة فليس بمؤمن. ليس هذا فحسب بل ان من رضي بهذه المعاصي كان عليه مثل ذنب فاعلها لقول النبي صلى الله عليه وسلم «إذا عملت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فكرهها كمن غاب عنها، ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها» حديث حسن رواه أبو داود.

التفاخر بالمعاصي

كما لا ينبغي التفاخر بهذه المعاصي وأعمال الغدر لأن هذا من المجاهرة بالمعاصي التي تبعد فاعلها عن دائرة عفو الله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم «كل أمتي معافى إلا المجاهرين» متفق عليه، فهذه المعاصي ينبغي الاستغفار منها ولأهلها، لا الفرح أو التفاخر بها فلا فخر بأعمال الغدر ولا فخر بغزوات الغدر وإن ظنها الجُهال بطولات.

عاشراً: من ضوابط التكفير في الشريعة

من المناسب التنبيه على هذه المسألة بعد الكلام في مستور الحال ومجهول الحال في البند السابق، خصوصا قد كثر الاتهام بالتكفير في هذا الزمان. فأقول وبالله تعالى التوفيق:

التكفير، بضوابطه الشرعية، حكم شرعي ليس بدعة ولا فكراً ولا تهمة، ورد في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا ينبغي الاستخفاف به لأن الاستخفاف بالأحكام الشرعية كفر، كما قال تعالى «... قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ...» (التوبة: 65، 66). وبعيدا عن التقسيمات البشرية على أساس البلدان أو الأجناس أو الألوان أو اللغات، فإن الله سبحانه لم يقسم خلقه إلا إلى قسمين كما قال تعالى «هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ» (التغابن:2). وكثير من الأحكام الشرعية في الدنيا كما أن جميع أحكام الآخرة من الوعد والوعيد مبنية على هذا التقسيم الإلهي للخلق إلى مؤمن وكافر، والكفار قسمان:

1) الكافر الأصلي: وهـو من لم يكن مسـلماً من قبل، كالمذكورين في قوله تعالى «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ» (البينة:6).

2) المرتد: وهو من ثبت له حكم الإسلام من قبل فنقض إسلامه بكفر، ويسمى كفره بالكفر الطارئ. وهذا جائز الحدوث كما قال تعالى «لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ...» (التوبة:66)، وقال تعالى «يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ ...» (التوبة: 74)، وقال تعالى «...وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ» (البقرة:217).

أحكام الكفار والمرتدين

وأحكام الكفار الأصليين مذكورة في أبواب الجهاد من كتب الفقه، كما أن أحكام المرتدين مذكورة في أبواب الردة من كتب الفقه، ولا يخلو كتاب من كتب الفقه من ذلك مهما كان مختصرا، والردة ليست تاريخا مضى وانتهى بمقتل مسيلمة وتوبة سجاح، وإنما هي جائزة الوقوع في أي زمان حتى ان العلماء قد ذكروها ضمن نواقض الوضوء والصلاة والصيام وغيرها من الأعمال، فيجب على كل مسلم أن يتعلم ما نواقض الإسلام؟ إذ إن الكفر والردة يفسدان دين المسلم وكل عباداته وإن كان يؤديها كما قال تعالى «... لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ» (الزمر:65). والتوبة واجبة وجائزة من هذا كله كما قال تعالى «قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ...» (الأنفال:38)، أما قول الله تعالى: «إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ...» (النساء:116)، فهذا فيمن مات كافرا بلا توبة صحيحة في الدنيا.

فالإسلام والإيمان ليس من الصفات الثابتة الأبدية للإنسان كلون بشرته، وإنما هي من المتغيرات إن لم يحافظ المسلم عليها ذهبت كما قال ابن عباس رضي الله عنهما: (الإيمان كثوب أحدكم يلبسه تارة وينزعه تارة) رواه ابن أبي شيبة في كتابه (الإيمان)، وكذلك شبه الله الدين بالثوب في قوله تعالى «... وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ...» (الأعراف:26)، وكذلك أيضا شبهه رسول الله في قوله صلى الله عليه وسلم «رأيت الناس وعليهم قمص- إلى أن قالوا- فما أولت ذلك يا رسول الله؟ قال: الدين» الحديث في البخاري... ومن هنا قال النبي صلى الله عليه وسلم «بادروا بالأعمال الصالحة، فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا» رواه مسلم.

ضوابط التكفير

وإذا كان التكفير حكما شرعيا فإن له ضوابط يجب الالتزام بها حتى لا يتهم أحد بالكفر بغير حق، وحتى لا يتصدى لذلك من ليست لديه الأهلية الشرعية، ومما أذكره في ذلك بإيجاز:

1) النظر في فعل المكلف: والمكلف هو البالغ العاقل، فلا اعتبار لما يصدر عن الصبي، ومنه القاعدة الفقهية (عمد الصبي خطأ) ولا اعتبار لما يصدر عن المجنون أو المعتوه، ولحديث (رفع القلم عن ثلاث)، وفعل المكلف (من قول أو عمل) الذي يوقعه في الكفر قد يكون صريح الدلالة على الكفر (وهو ما لا يحتمل إلا وجهاً واحداً) أو محتمل الدلالة على الكفر، ولا تكفير بمحتمل الدلالة إلا بعد تبين قصد فاعله، وهذا كالصريح والكناية من ألفاظ الطلاق والقذف وغيرها. وقد بوب البخاري رحمه الله لهذه المسألة في كتاب الصلاة من صحيحه في باب (من صلى إلى قبر أو تنور أو شيء مما عبد من دون الله فأراد الله)، كما بوب لها القاضي عياض رحمه الله في كتابه (الشفا في بيان حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم في باب (ما جاء في إكفار المتأولين)، فلا يجوز إلزام أحد بلوازم عمله (قوله أو فعله) لأن لازم مذهب الإنسان ليس بمذهب إلا أن يلتزمه صراحة كما حققه ابن تيمية في (مجموع الفتاوى ج 20).

2) النظر في النص القاضي بكفر من فعل هذا الفعل: هل النص صريح في الكفر الأكبر أم محتمل؟. وذلك لأن نصوص الشريعة ذكرت نوعين من الكفر: كفر أكبر يخرج فاعله من الإسلام، وكفر أصغر لا يخرج فاعله من الإسلام، وإنما هي معاصي من كبائر الذنوب سُميت بالكفر من باب التغليظ والزجر عنها.

الكفر الأكبر

_ ومن ذلك نصوص في نفي الإيمان ليست قطعية في الكفر، فقد يراد بها الكفر الأكبر كما في قوله تعالى في سورة الشعراء «... وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ(8)»، وقد يراد بها الكبائر غير المكفرة كما في أحاديث (والله لا يؤمن...) و(ولا يؤمن أحدكم...) و(ليس منا...) و(ولا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن...) و(ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر...) ونحوها. فكلمة (لا يؤمن) لا تساوي (يكفر) بالضرورة.

_ ومنها نصوص الوعيد بالنار والعذاب لمن ارتكب أفعالاً معينة لا تعني الكفر بالضرورة، بل قد تعنيه وتعني الكبائر، فقد ذكر الله الشرك والقتل العمد والزنا في سورة الفرقان ثم قال «... وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً (69) إِلَّا مَن تَابَ...» (الفرقان:68-70)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم «يا معشر النساء تصدقن، فإني رأيتكن أكثر أهل النار» متفق عليه. فالوعيد بعذاب النار ليس مرادفا للكفر، بل سيدخل النار أقوام مسلمون بذنوب كبيرة ثم يخرجون منها ويأذن الله لهم بدخول الجنة بما معهم من إيمان صحيح، قال النبي صلى الله عليه وسلم «ليصيبن أقواما من أمتي سفع من جهنم بذنوب أصابوها» رواه البخاري، وقال النبي صلى الله عليه وسلم «يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن شعيرة من إيمان» الحديث رواه البخاري. وهؤلاء هم عصاة المؤمنين الفساق أصحاب الكبائر الذين ماتوا بلا توبة وليست لهم حسنات موازنة ولم يشأ الله أن يغفر لهم يوم القيامة كما قال تعالى «... وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ...» (النساء:116). أما الكفار فلن يخرجوا من النار أبدا إن ماتوا على الكفر قال الله تعالى «وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ

النَّارِ» (غافر:6)، وقد استدل الخوارج بهذه الآية ونحوها على أن كل من دخل النار فهو كافر، ولهذا كفّروا أصحاب الكبائر المتوعدين بالنار، وليس هذا بصحيح كما سبق بيانه، وفي الأحاديث السابقة رد عليهم، وكذلك الآية الأخيرة، فإن صاحب الشيء يلازمه ولا ينفك عنه وكذلك الكفار هم (أصحاب النار) أما عصاة المؤمنين فدخولهم النار مؤقت ثم يخرجون منها بفضل الله فليسوا هم من (أصحاب النار) وللخوارج استدلالات أخرى فاسدة مذكورة بكتب العقائد بسبب فساد فهمهم للنصوص فصدق فيهم قول النبي صلى الله عليه وسلم «حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين» والأحاديث فيهم متفق عليها بل متواترة، ومعنى (حدثاء الأسنان) أي صغار السن، و(سفهاء الأحلام) أي ضعاف العقول، و(لا يجاوز حناجرهم) أي يقرؤون القرآن بغير فهم ولا تدبر يرددونه بحناجرهم ولا يتجاوزها إلى القلوب التي هي محل الفهم، ومن هنا أساءوا الاستدلال بالقرآن والسنة، وهذا مع شدة اجتهادهم في العبادة كما وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم، وكما وصفهم ابن عباس رضي الله عنهما لما ناظرهم، وخبره معهم ذكره الشاطبي رحمه الله في كتابه (الاعتصام).

التفريق بين الكفر والكبائر

هذا والذنوب التي ورد فيها نفي الإيمان أو وعيد، يتم التفريق بين الكفر وبين الكبائر منها بجمعها مع النصوص الأخرى الواردة في نفس الذنب، هل سلبت فاعله الإيمان بالكلية أم لا؟

_ ومنها النصوص التي وصفت بعض الأعمال بالكفر، لا تقتضي بالضرورة أنه كفر أكبر مناقص للإسلام. لأن هناك فرقا بين ورود الكفر بصيغة الاسم وبين وروده بصيغة الفعل (وهذا معروف في علم المعاني من علوم البلاغة). كما أن هناك فرقا بين ورود الكفر بصيغة الاسم النكرة وبين وروده بصيغة الاسم المعرفة (وهذا أيضا معروف في علم المعاني، وأشار إليه ابن تيمية في كتابه «اقتضاء الصراط المستقيم»). وهناك فرق بين نصوص الكفر الواردة في القرآن وبين تلك الواردة في السنة (أشار إليه ابن القيم في كتابه «عدة الصابرين»).

3) النظر في حال المكلف: إذا فعل المكلف فعلاً صريح الدلالة على الكفر فإن هناك شروطا وموانع يجب النظر فيها قبل القطع بكفره، فقد لا يكفر بسبب الخطأ أو النسيان أو الإكراه أو الجهل المعتبر ونحوها، وقد يكفر الشخص وتثبت ردته ثم يقوم مانع يحول دون معاقبته، كأن يكون رسولاً من المرتدين، كاللذين أرسلهما مسيلمة الكذاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لهما «لولا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما» رواه أبو داود، ومنه قال ابن القيم في (زاد المعاد) (ومضت السنة أن الرسول لا يقتل ولو كان مرتدا) أ.هـ، وذلك حتى لا تنقطع فرصة المراسلة وما فيها من المصالح.

4) النظر في الاستتابة: بعد القطع بكفر هذا المكلف وانتفاء الأعذار في حقه، فإن له حقا في الاستتابة أي عرض التوبة عليه وكشف أي شبهة لديه والقاعدة (ادرأوا الحدود بالشبهات)، قال النبي صلى الله عليه وسلم «ادرأوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله، فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة» رواه الترمذي بإسناد فيه ضعف، وذكر الشوكاني في (نيل الأوطار) أنه قد صح موقوفا عن ابن مسعود رضي الله عنه قال (ادرأوا الحدود بالشبهات، ادفعوا القتل عن المسلمين ما استطعتم) ولأبي داود بإسناد صحيح مرفوعا (تعافوا الحدود فيما بينكم فما بلغني من حد فقد وجب).

5) النظر في القدرة على معاقبته: وهذه لا تكون إلا مع التمكين لقوله تعالى «الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ...» (الحج:41)، أما المستضعفون فلا يجب عليهم شيء من ذلك. فهناك فرق بين التكفير وبين إنزال العقوبة.

6) النظر في المصلحة والمفسدة المترتبة على معاقبته بعد تحقق القدرة على ذلك: فقد امتنع النبي صلى الله عليه وسلم عن معاقبة عبد الله بن أُبَيّ للمفسدة المترتبة على ذلك، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم «لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه» متفق عليه، خصوصا مع إظهاره الإسلام وخفاء كفره، ورغم علم النبي صلى الله عليه وسلم بكفره فإنه لم يقتله بعلمه فقط من دون إقامة البينة الشرعية كمـا ذكره ابن حزم في (المحلي ج11)، وقد وفد مسليمة الكذاب على النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة وأعرض عنه، وقال النبي صلى الله عليه وسلم «لا تقطع الأيدي في الغزو» نظرا إلى المفسدة المحتملة بأن يهرب السارق ويلحق بدار الحرب. فلا بد من النظر في العواقب حتى مع القدرة.