ينفر المشاهدون من البرامج الثقافية في عالمنا العربي، من دون أن يعرف المسؤولون عنها الاسباب الحقيقية وراء هذا العزوف، والمستغرب أن المثقفين أنفسهم لا يتابعونها! لنتعرف على الاسباب. البرنامج الثقافي «ثقيل»، ومن يقدمه يعيش في برج عاجيّ، والمقدمون من المثقفين الذين لا يحسبون إلا حساب فئتهم، فيعتمدون المصطلحات الثقافية الصعبة التي لا يعرفها البسطاء أو العامة، فضلاً عن أن شكل البرنامج لا يتعدى الحوار أو الحديث المباشر، وهذان الشكلان جامدان من غير صورة، بينما يفضل تقديم شكل المجلة الذي يحوي المقابلة والحوار والتقرير.
المقدِّم المثقف يلعب دوراً منفرداً One man show مما يفقده صفة خفة الدم، فلماذا لا تحتوي هذه النوعية من البرامج على ضحكة واحدة؟ في كثير من الفنون كمّ كبير من الضحك. أدباء ساخرون يجيدون الدعابة تتم مقابلتهم بشكل رسمي ثقيل جداً. وثمّة معدّو برامج ثقافية كثر لا يستهدفون الشريحة العامة، بل المثقفين، وبالتالي تقلّ دائرة الاهتمام، في حين أن مشاهدة البرامج الثقافية في أوروبا متعة، لأسباب عديدة ولا سيما أنها لا تحصر الثقافة في الأدب كما نفعل، بل في مفهومها الواسع. الثقافة هي ذلك المركّب الكلّي المشتمل على المعرفة والمعتقد والفن والأدب والأخلاق والقانون والعرف والقدرات والعادات الأخرى، التي يكتسبها الإنسان بوصفه عضواً في المجتمع».قال إدوارد بي تايلور في كتابه «الثقافة البدائية»، الصادر عام 1881م: «في شرقنا العربي نعتبر البرامج الثقافية برامج أدبية أو تاريخية أو دينية، ونعتبر الفنون في خانة أخرى، وهي في الحقيقة ثقافية». قدّم فاروق عبد العزيز برنامجاً ثقافياً يتعلق بالسينما، لكّنه ممتع، يسبر أغوار الشخصيات والكتّاب والموسيقى التصويرية.حتى لو ظننّا أن الثقافة محصورة في الأدب الرصين، فإن ثمّة نوعية من الضحك أو السخرية في أعمال الشاعر البحريني عبد الرحمن رفيع والشاعر السعودي الدكتور غازي القصيبي والشاعر المصري عبد الرحمن الأبنودي وأشعار بيرم التونسي والشاعر الساخر الراحل فهد بورسلي. بثت قناة «الراي» برنامجاً ثقافياً شائقاً تحت عنوان «أمير القوافي» قدمته معصومة عبد الكريم قبل برنامج «شاعر المليون» في إمارة أبو ظبي الذي أصبح من أنجح المشاريع الثقافية بدعم من هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث، والموازنة المفتوحة تدعم عملاً كهذا ليكتب له الاستمرار والتطور، كما أن لجنة التحكيم اقترحت مسابقة في الشعر الفصيح، سيتم تنفيذها خلال أيام تحت عنوان «أمير الشعراء». والداعية عمرو خالد يقدم برنامجه الديني المليء بالمادة الثقافية في أسلوب شائق، ولا ننسى برنامج و»نلتقي مع بروين حبيب» على قناة دبي، ذلك العمل الثقافي المحبب لدى المشاهدين والذي يتميز بتقسيم الفقرات والفواصل والمواد المصورة والأرشيفية والتنوع في اللقطات وحركات الكاميرا، اضافة الى التقديم الجذاب غير المتعالي. لكن هذا المشروع الجميل توقف!إذن هناك بعض المشاريع الثقافية الحسنة لكنها قليلة جداً وأحياناً يتم وأدها.
توابل - مزاج
لأدباء ساخرين يجيدون الدعابة
10-06-2007