أحمدي نجاد والإدارة العالمية الفاسدة!
لا أحد يضاهي أحمدي نجاد فيما يسمى بالتصعيد مرة أو «بالتحدي» للإرادة الدولية مرة أخرى، حتى وصل به الأمر إلى ضرورة التصدي لما يسميه «الإدارة الفاسدة للعالم»!ولم يعد الأمر يتعلق بالملف النووي لبلاده فحسب، بل بدا أحمدي نجاد في تصريحاته الأخيرة المتحدية للغرب يأخذ منحى «كونياً» عندما تحدث هذه المرة عن «بدء العد العكسي لاضمحلال سلطة القوى العظمى» بعد أن كان يكتفي بالتصريح بالعد العكسي لزوال دولة إسرائيل فقط!
أيا تكن خلفية التحليل التي تقوم عليها تصريحات الرئيس الإيراني، أو تقدير الموقف الذي يستند إليه لاتخاذ مثل هذه المواقف،إلا أن القدر المتيقن منها هو أن الأمن الدولي أصبح من الهشاشة بمكان حتى يدفع بالرئيس الإيراني للوصول إلى مثل هذه النتائج!فما سماه الرئيس الإيراني بمعادلة المنتصرين في الحرب العالمية الثانية التي قال عنها إنها لم تعد صالحة لإدارة سليمة للعلاقات الدولية أمرٌ بات يُجمع عليه الكثير من عقلاء العالم، وقد كتب الكثير بخصوص ضرورة تغييرها، بغض النظر عن مدى قدرة الرئيس الإيراني على تغيير هذه المعادلة أو هزيمتها!فالفوضى تكاد تسود العلاقات الدولية على أكثر من مستوى وفي أكثر من مجال، ولا أحد يستطيع إجراء محاسبات دقيقة لحركته مهما علا شأنه أو اشتدت قوته، بما فيهم القوى الأساسية التي شكلت منظومة المنتصرين في الحرب الكونية الثانية!إن نظرة سريعة إلى مجالات البيئة والغذاء العالميين، ومقولة التغيرات المناخية، فضلا عن الانهيارات الاقتصادية المتوالية لأكثر من اقتصاد محلي أو وطني بما فيه الاقتصاد الوطني الأميركي التي بدأت التحليلات تتناوله بالكثير من التشاؤم، فضلا عن الانهيارات الأمنية للقوى الكبرى والمتوسطة وعلى رأسها تلك الدولة التي تتزعم العالم أي الولايات المتحدة الأميركية، يكفي لأي متتبع ذي عقل سليم أن يستنتج أن الوضع الدولي ليس على ما يرام مطلقاً! ثمة منظومة يمكن وصفها بكل شجاعة بالبالية تتحكم اليوم بالعالم لم تعد تصلح للإدارة السليمة للعالم، ولم تعد صالحة حتى لإدارة الأزمات بشكل سليم، بما يجنب العالم مزيداً من المآسي والويلات!هذا الكلام بدأنا نسمعه بصورة ضمنية وإن مضمرة حتى من داخل المنظومة الأميركية نفسها، من بريجينسكي إلى كيسنجر إلى المرشحين الديموقراطيين إلى أولبرايت، ناهيك عن التحدي الكبير الذي بدأت تشكله السياسات الروسية المتصدية للأحادية الأميركية المتهافتة!أميركا اللاتينية تتجه إلى أبعد من ذلك عندما بدأت تفكر جديا ببنك وصندوق «دوليين» خاصين بها، هذا فضلا عن تحديها المستمر وممانعتها المستدامة لأي شكل من أشكال الهيمنة العنصرية والفوقية للولايات المتحدة الأميركية!أفريقيا هي الأخرى تغلي وتسعى جاهدة إلى البحث عن أقصر الطرق للخلاص وإن كانت أضعف من حالة أميركا اللاتينية إلا أن بدايات نهضة بدأت تلوح في الأفق من خلال ما بات يعرف بالولايات المتحدة الأفريقية!أما آسيا ومن خلال اتحاد شنغهاي للأمن والتعاون الآسيوي، فإنها تبدو أقرب القارات للخلاص من الهيمنة الأميركية الأحادية، ومن ثم الغربية، وإن كانت تشكل الساحة الأشد والأكثر عنفا للمعركة الاستقلالية،لأسباب عديدة أهمها الوضع الجيوسياسي والجيواستراتيجي الذي تشكله منطقتنا العربية والإسلامية بمواردها النفطية والغازية والمائية الغنية جدا، بما يجعلها مركز الثقل الأساسي للعالم ومركز ثقل التغيير المرتقب في ما بعد! * الأمين العام لمنتدى الحوار العربي - الإيراني