Ad

وزارة الداخلية منصب حساس لا يجوز أن يصرح وزيرها على كل شاردة وواردة ويضع نفسه في حرج سياسي، فيقول إن الفرعيات غير موجودة وفي الوقت نفسه يطلق لقواته العنان في مداهمة الفرعيات بشكل همجي، ويقول إن مغنية متورط ثم يأتي رئيسه ليقول إنه غير متورط، فيعود الوزير ليؤكد أن الأدلة ضد مغنية دامغة! والسؤال: وزير الداخلية يتبع أي حكومة؟

أثبتت الأسابيع الماضية أن حكومتنا لا تعرف الوسط، فإما أن تطبق القانون أو ترضخ لضغوط عدم تطبيقه، فكانت تستجيب لضغوط عدم إزالة الدواوين وتستجيب لوساطات النواب أمام أعيننا في مجلس الأمة... ثم وبقدرة قادر تمنع التعيين والنقل والواسطات وتزيل الدواوين، وتطبق قانون تجريم الانتخابات الفرعية بعد عشر سنوات من إقراره!

حكومتنا الرشيدة لم تكتفِ بذلك، بل أصدرت قانوناً للتجمعات في وقت الانتخابات في محاولة لإثبات نفسها، وهي التي لم تجرؤ على استعجال هذا القانون لدى مجلس الأمة قبل حله لأنها تعلم أنه لن يحظى بقبول النواب أو الشارع. وتجدر الإشارة هنا إلى أن مبدأ وجود قانون التجمعات لا ضرر فيه، إلا أن الاعتراض يأتي على مواد القانون التي منعت حتى إقامة الندوات الانتخابية من دون الحصول على إذن المحافظ قبل خمسة أيام، في محاولة على ما يبدو إلى إعطاء المحافظين بعض الصلاحيات بعد أن كان تخصصهم افتتاح الأسواق الخيرية ومنح جوائز لأفضل حديقة منزلية في المحافظة.

حكومتنا أثبتت أيضاً أنها لا تعرف من هو وزير الداخلية في هذا البلد ومن يدير هذا البلد، فكانت ضغوط النواب تسيّرها قبل حل المجلس، واليوم نرى وزير الداخلية يتحدى رئيسه الذي كان قد صرح بأن عماد مغنية غير متورط في اختطاف «الجابرية» وقتل الأبرياء وأن الحكومة لا تملك الدليل على تورط مغنية، فيذهب وزير الداخلية ليصرح لجريدة «عكاظ» السعودية أمس بأن الأدلة على تورط مغنية دامغة. وزير الداخلية له سوابق في هذه الأمور، فكان قد صرح بأنه تجول في الدوائر الانتخابية ولم يرَ الانتخابات الفرعية، لتأتي نتائج هذه الانتخابات بجانب تصريح الوزير على صدر صفحات الصحف، ولنرى بعدها أجهزة الداخلية تستنفر لمواجهة الفرعيات التي كان الوزير لا يرى مظاهرها!

هذا التخبط في التعامل لا يعني أن هناك أزمة إدارة، بل يعني أن هناك صراعاً على السلطة يحركه بعض أفراد الأسرة ضد رئيس الوزراء، هناك تردد مريب في قرار الحكومة، فكأنها تبحث عن «هوشة». لماذا لا نرى نشاز الوزير إلا في القضايا التي تثير الفتنة بين القبائل والداخلية أو بين السُنّة والشيعة؟ هل هذا الدور هو المطلوب من الوزير أم حفظ الأمن؟

وزارة الداخلية منصب حساس لا يجوز أن يصرح وزيرها على كل شاردة وواردة ويضع نفسه في حرج سياسي، فيقول إن الفرعيات غير موجودة وفي الوقت نفسه يطلق لقواته العنان في مداهمة الفرعيات بشكل همجي، ويقول إن مغنية متورط ثم يأتي رئيسه ليقول إنه غير متورط، فيعود الوزير ليؤكد أن الأدلة ضد مغنية دامغة! والسؤال: وزير الداخلية يتبع أي حكومة؟

***

ليلة أمس الأول للمرة الأولى أقفل باب غرفتي قبل النوم، بعد أن رأيت اقتحامات «الداخلية» منازل الناس ومداهمة الفرعيات. أنا أعلم أنه لا وجود لفرعية في خزانة ملابسي أو تحت الفراش، لكنه الشعور المزعج بعدم الأمن من قوات الأمن، وما ذكره بعضهم ممن تم اقتحام منازلهم بعدم إبراز قوات الأمن إذن النيابة قبل الدخول أمر يستدعي التوقف عنده.

في كل الأجهزة الأمنية هناك مباحث تقوم بعملها بهدوء وتصل إلى أي جريمة، لكن ما يجري الآن لمداهمة الفرعيات من وجود المدرعات ومئات الآليات يذكرنا بأحد أفلام هوليوود، فينتهي الفيلم ولا يصاب أحد بأذى، فمن يا ترى مخرج هذا الفيلم؟