أفهم أن مصطلح «الإصلاح» هو دعوة إلى التقدم لا التخلف، إلى الأمام لا الخلف، إلى المستقبل لا الماضي، وأفهم أن مفردة النضال تعني قيادة المجتمع نحو تجاوز المعوقات للوصول إلى الأهداف الحضارية واللحاق بركب الأمم لا إعادة المجتمع (مع مكتسباته الآنية) إلى بدايات التكوين بحجة المحافظة (الخادعة) على الثوابت والأسس، التي انطلق منها المجتمع وتجاوزها في مسيرته الزمنية والحضارية ليصل الى ما وصل اليه اليوم بكل ما يحمل هذا الوصول من سلبيات او ايجابيات (لا بأس ان تعالج من خلال الاستنارة بتلك الثوابت) لا العودة (الكلية) نحوها والارتهان (الأبدي) إليها، وذلك لأن لكل المجتمعات في الأرض أسساً وثوابتَ انطلقت منها ولكنها فهمت عصرها واستفادت من منجزاته (مع الاستنارة كلما دعت الحاجة بتلك الأسس)، وأفهم أيضاً أنه ليس بمقدور أي حضارة أن تلغي حضارة أخرى، وليس بمقدور مجتمع مهما بلغ من التقدم أن يلغي ثوابت مجتمع آخر.
كذلك أفهم أن المعارضة تعني دوماً الاعتراض على الثبات والتراجع وسحب المجتمعات إلى التقدم عبر تحقيق المنجزات الحضارية التي تليق بعالم اليوم لا أن تسحب المعارضة المجتمعات إلى التراجع والتخلف والبقاء في نقطة من الزمان لا تستفيد منها سوى القوى الظلامية التي تزدهر بتخلّف الشعوب وإخضاعها عبر ادعاءاتها النضالية- الخادعة- إلى هيمنتها الكلية وتسلم زمام قيادتها نحو الخلف لا نحو الأمام. أي أنني ارى اليوم فهماً (مقلوباً) بل ومشوهاً للإصلاح والنضال، والمعارضة يختلف كلياً عن كل قواميس شعوب الأرض بدءاً من الرسالات السماوية حتى أصغر حركة سياسية في عالمنا اليوم، إذ إن جميع الرسالات السماوية والتي ختمت بالرسالة المحمدية كلها تدعو إلى التقدم نحو الأمام والإصلاح نحو الأفضل ومعارضة الجهل ولا تدعو مطلقاً إلى الرجوع نحو الخلف بل إلى الأمام دوماً.
توابل - مزاج
إصلاح نحو الخلف
13-01-2008