Ad

تخطئ السلطة إذا اعتقدت أن تدوير الحميضي، وإخراج المعتوق من الوزارة، هما الحل الأمثل أو الأقل كلفة للخروج من هذه الأزمة السياسية، فالواقع والمعطيات على الساحة حالياً، تشير إلى أن هذا الإجراء الحكومي هو البداية الحقيقية لأزمة سياسية أكبر وأشد.

حتى هذه اللحظة تشير المعلومات المتواترة إلى أن الحكومة فضلت خيار «الهروب إلى الأمام» على خيار المواجهة مع المجلس عبر تدوير وزير المالية بدر الحميضي إلى وزارة أخرى وقبول استقالة أو «إقالة» المعتوق... لا فرق.

هذا النهج الحكومي القائم على «تأجيل الأزمات»، للأسف، لا يحل مشكلة، ولا يحسم مواجهة، بل الأخطر من ذلك أنه يؤسس لعرف سياسي جديد يشجع الوزراء على ارتكاب المخالفات والتجاوزات، لأن المحاسبة الشعبية لن تكون حتمية في نهاية المطاف، كما أنه يشجع النواب على استخدام أداة الاستجواب كوسيلة ابتزاز سياسي في المستقبل، عند اختلاف أي منهم مع هذا الوزير أو ذاك.

على أن الأخطر من وجهة نظري، يكمن في أن هذا الأسلوب الحكومي يفرغ أداة الاستجواب من مضمونها، ويصادر حق الأمة ممثلة في نوابها في محاسبة المقصرين من الوزراء الذين يوفر لهم التدوير أو قبول الاستقالة ملجأ عند كل مسألة سياسية، والاسوأ من ذلك أنه يُثَّبت التهم عليهم.

قد نتفق وقد نختلف حول قيام الوزير الحميضي بارتكاب تجاوزات في وزارته، كما هو الوضع بالنسبة إلى المعتوق، وقد نتفق ونختلف على أن التوفيق لم يحالف مقدمي الاستجوابين من النواب من حيث التوقيت والأسلوب، لكننا يجب أن نكون متفقين على أن الاستجواب حق دستوري مكفول يستخدمه نائب الأمة متى وأينما شاء، وعندما يكون الأمر متعلقا بنصوص دستورية، يسقط حديث الأمنيات أو التحليلات أو حتى الدخول في النوايا، من هنا وبغض النظر عن حالة الحميضي - ابو رمية، والمعتوق - الطبطبائي والعمير، فإن أطر العلاقة بين السلطتين بدأت تأخذ منحى جديدا أشبه بالدوران في حلقة مفرغة.

تخطئ السلطة إذا اعتقدت أن تدوير الحميضي، وإخراج المعتوق من الوزارة، هو الحل الأمثل أو الأقل كلفة للخروج من هذه الأزمة السياسية، فالواقع والمعطيات على الساحة حالياً، تشير إلى أن هذا الإجراء الحكومي هو البداية الحقيقية لأزمة سياسية أكبر وأشد، على اعتبار أن طريقة المعالجة الحكومية لأزمة الاستجوابين إذا ما تمت وفق أسلوب «الهروب» ستزيد من أعدائها السياسيين، والدلائل على ذلك كثيرة، لعل أولها بيان كتلة العمل الشعبي الرافض للتدوير، إضافة الى موقف الكتلة الإسلامية وخصوصاً السلف، بينما «المستقلون» بانتظار مثل هذا الخطأ الحكومي لتسجيل موقف يُحسب لهم بعد أن تخلت عنهم الحكومة على حسب تصريحات عدد منهم اخيراً.

* * *

لأنهم كالنائحات في «المآتم»، فإن عويلهم وصراخهم وبكاءهم على الكويت وتجربتها الديموقراطية سيرتفع خلال الأيام القليلة القادمة، فهم هكذا دائماً، يتكاثرون وينشطون في المصائب والنوائب... غداً سيذرفون دموع التماسيح، وبعد غد سيطالبون بإغلاق بيت الأمة، لأنهم باختصار كفروا بالديموقراطية كفرا وصل الى درجة الإلحاد.