Ad

كثيرٌ مما قامت به الوزيرة نورية الصبيح منذ تسلمها الوزارة من أعمال، وأقدمت عليه من قرارات مرتبط بالحسابات السياسية أكثر من ارتباطه بالحسابات المهنية الصحيحة، التي تنبغي لوزير مؤسسة مهنية تخصصية بحتة كوزارة التربية والتعليم، وهذا أمر خطير للغاية.

يحلو للصحف، وبالأخص الزميلة «الراي»، أن تسمي وزيرة التربية والتعليم العالي نورية الصبيح المرأة الحديدية، والظاهر أن هذه التسمية قد راقت جداً لمعالي الوزيرة التي أبدت سعادتها بها. هذه التسمية التي استعيرت من رئيسة الوزراء البريطانية الشهيرة مارغريت تاتشر التي حملتها منذ سنوات طويلة، تدل كما هو واضح على القوة والشدة، وأن حاملتها وبالرغم من انتمائها إلى جنس النساء المعروف باللين والرقة، قوية شديدة كقطعة من حديد.

تسمية جميلة وأخاذة، ويحق لحاملتها أن تشعر بالانتشاء لحملها، لكن أرجو ألا يفوت معالي وزيرتنا أن الحديد وبالرغم من قوته ومتانته سرعان ما يصدأ عندما يتعرض للماء والبلل، ولا شيء في ظني أكثر بللا وهلامية ورخاوة من اللعبة السياسة!

لعل القارئ يذكر أني كنت ممن كتبوا وبحماس شديد عن تسلم نورية الصبيح حقيبة وزارة التربية، إذ قلت أكثر من مرة إنه ليس هناك من هو أقدر منها على التعامل مع مشاكل هذه الوزارة لأنها ابنتها المعاصرة لكل قضاياها والعارفة بكل خباياها، وكنت بذلك ممن علقوا الآمال العريضة على أن تبدأ مسيرة إصلاح التعليم المتعثر ومعالجته، لكنني أجد نفسي اليوم مضطراً للتوقف عند ذلك التصور والنظر فيه!

ولست هنا بصدد إصدار حكم متسرع على أداء معالي الوزيرة، والقول مباشرة إنها خيبت الطموحات وحطمت الآمال التي عُقدت عليها، كي لا أصبح مثلها في تسرعها عندما نفت حدوث واقعة الاعتداء على الطلبة في مدرسة العارضية قبل انتهاء تحقيق وزارة الداخلية الذي أثبت عكس ذلك، وإنما سأكتفي بالقول إني لم أشاهد منها حتى الآن ما يرقى إلى تلك الطموحات والآمال. والسبب في ذلك يعود في ظني إلى أن معالي الوزيرة قد بللت نفسها في اللعبة السياسية أكثر مما يجب، بل وبقيت منقوعة في الماء أكثر مما ينبغي للحديد أن يبقى، وأن كثيراً مما قامت به منذ تسلمها الوزارة من أعمال وأقدمت عليه من قرارات مرتبط بالحسابات السياسية أكثر من ارتباطه بالحسابات المهنية الصحيحة، التي تنبغي لوزير مؤسسة مهنية تخصصية بحتة كوزارة التربية والتعليم، وهذا أمر خطير للغاية.

معالي الوزيرة، لا تظني أني أنخرط اليوم في صف معارضيك، فأنا معك على سبيل المثال في إحالة وكيل وزارتك السيد جاسم العمر إلى التقاعد بسبب عدم تعاونه، لأنه من أبسط حقوقك أن تختاري أفراد طاقمك وعلى رأسهم وكيل الوزارة، لكنني كذلك في ترقب لمن سيخلفه في هذا المنصب الحساس وفي قلق من الحسابات التي سيقوم عليها الاختيار.

معالي الوزيرة، أعرف تماما أنك وجدت نفسك اليوم محشورة بين مطرقة وسندان اللعبة السياسية، وأن الضربات تتوالى عليك من كل اتجاه، وخصوصاً من نواب البرلمان الذين يتحركون وفق حساباتهم الخاصة التي قد لا تتقاطع مع الصالح العام، لكنك امرأة حديدية، ولا أقدر من الحديد على تحمل مثل هذا الضغط وعدم الاستجابة له.

من حق نواب الكتلة الإسلامية الجديدة أن يضعوك على منصة الاستجواب، بل من حقنا نحن عليك أن تصعدي إلى تلك المنصة بكل شجاعة، وسنترقب أن نراك تفندين محاور الاستجواب وتثبتين عدم صحتها، وتنزلين من المنصة أقوى مما سبق لتتفرغي لشؤون ومشاكل وزارتك وما أكثرها.

معالي الوزيرة، ما زلت أتمنى أن تخيب الظنون السيئة فيك وأن تثبتي أنك الخيار الصحيح لوزارة التربية، وليس عيباً أن يتعثر إنسان مثلك، ولكن العيب كل العيب ألا يقوم من عثرته.