إلى أين؟! (3)
ألا يستطيعون بما يملكون الآن وما تنتجه البلاد من نفط زائد عن الحاجة من بناء قاعدة إنتاجية واقتصادية تكفل لهم معيشتهم، وربما معيشة أفضل من معيشة القلق من المصير المجهول بالاعتماد على مصدر واحد ليس بيد أحد فينا التحكم فيه من قريب أو بعيد. ماذا يحدث للكويت وأهلها لو حدثت هزة أرضية داخلية حفرت شقوقاً جوفية فرّغت بحيراتها من نفطها؟ ماذا سيبقى لدينا لنعيش حياتنا حتى في مستوى ما قبل النفط؟ ما هي مصادر الدخل المتبقية لنا لنستمر بالحياة؟ هل فكرنا في هذا ونحن ننعم في بحبوحة وسهولة العيش؟ هل فكرنا لحظة واحدة في هذا الاحتمال؟ السؤال الذي لم يطرح، وإن طُرح لن يجد له جواباً، هو لماذا ولدينا كل شيء لا نحسب للمستقبل أي حساب؟ بالطبع عندنا ناس لن يهمهم بقيت الكويت أم ذهبت أو غرقت بالرمال، فعندهم من الأموال خارج الكويت ما يكفيهم ويكفي أجيالا من عائلاتهم للعيش في أي بلد آخر. هؤلاء لن يشغلوا بالهم بما يمكن أن يحدث لي ولك، ولكن لماذا يصمت المعنيون؟ لماذا نجد غالبية الشباب والشياب عندنا همهم الأول هو الكسب السهل في سوق الأسهم والعقار ولا تفكير ولو للحظة واحدة بمصير أبنائهم وأحفادهم ومستقبل بلدهم والعمل على حمايتهم؟ إن سوق الأسهم وسوق العقار سيكونان أول ما يتعرض الى الانهيار لو حدث أي شيء لنفطنا. ألا يستطيعون بما يملكون الآن وما تنتجه البلاد من نفط زائد عن الحاجة من بناء قاعدة إنتاجية واقتصادية تكفل لهم معيشتهم، وربما معيشة أفضل من معيشة القلق من المصير المجهول بالاعتماد على مصدر واحد ليس بيد أحد فينا التحكم فيه من قريب أو بعيد. عشنا حالة الخوف والتشرد فترة الاحتلال فماذا استفدنا؟ ما هو الدرس الذي تعلمناه عندما ضاع الوطن وأصبحنا «علة» على غيرنا؟ أليس في البلد حكيم يقول إن البلد تقف على لا شيء، وإننا بين ليلة وضحاها قد لا نجد ما نأكله إلا الرمال وشرب ماء البحر. قبل النفط كانت لنا صولات وجولات في عالم النقل والتجارة. كنا نصنع السفن ونجوب البحار بحثا عن اللؤلؤ ونقل البضائع. كان لنا كيان يعتمد فيه الإنسان الكويتي على نفسه ويلاقي الرجال الأهوال، بينما النساء يعملن في تربية الأطفال والحياكة وصناعة المواد الغذائية البسيطة وغيرها من الأعمال التي تحتاجها الناس من الخدمات المنزلية. فماذا لدينا الآن... وماذا نستطيع أن نقوم به بعد النفط؟ لماذا نحن شعب قليل العمل كثير الاستهلاك ويموت أبناؤه من تنافس الأهل على شراء سيارات الموت لأبنائهم؟ لماذا فقدنا الشعور بالحاجة إلى مستقبل مأمون وعشنا غارقين بالعسل حتى سد كل منافذ التفكير والشعور لدينا؟ متى نصحو من خدعة النعمة الدائمة؟