هل يمكن أن نتصور ما الذي سوف يحدث لو تطاول أحد على المادة الرابعة من الدستور، التي تنص على مركزية ذريّة الشيخ مبارك الصباح في نظام الحكم الكويتي؟ أليس مجرد التفكير في هذا الشأن يعتبر خيانة عظمى تستحق أقصى العقوبات؟ وفي المقابل، ألا تنص المادة السادسة على أن نظام الحكم في الكويت ديموقراطي والسيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعاً، وتكون ممارسة السيادة على الوجه المبين بالدستور؟ وأخيراً، ألم يؤكد نص المادة (181) من الدستور أهم صور ممارسة هذه السيادة، حيث لا يجوز تعطيل أي حكم من أحكام هذا الدستور إلا أثناء قيام الأحكام العرفية في الحدود التي يبيّنها القانون، ولا يجوز بأي حال تعطيل انعقاد مجلس الأمة في تلك الأثناء أو المساس بحصانة أعضائه؟ فالمادة (181) تؤكد تساوي مواد الدستور في الوزن القانوني والأهمية السياسية، كل بحسب اختصاصاتها، بل وتحصن السلطة التشريعية منفردة حتى من تعطيل أعمالها، ولو في أحلك الظروف الأمنية كالحرب وإعلان الأحكام العرفية.فلماذا ترسخت المادة الرابعة وأصبحت خطاً أحمر لا يقربه أحد، بينما أصبحت المواد الخاصة بسيادة الأمة عرضة للطعن والمصادرة والاستصغار سواء بالتحريض العلني أو الممارسة الفعلية؟
السبب واضح، فالأسرة الحاكمة تشكل محور إجماع للكويتيين وتعبر عن حالة ثابتة من الرضا كمرتكز أساسي للحكم وتأصلت كمؤسسة دستورية، بعدما كانت عقداً اجتماعياً قديماً، ولم تتزعزع هذه القناعة رغم الهزات السياسية والأمنية التي عصفت بالبلاد على طول التاريخ.وعلى العكس من ذلك، فقد استهدفت السلطة التشريعية فور صدور الدستور واختُرق خط دفاعها الأول مبكراً، فتعرضت للتزوير والتعطيل والاستبدال مروراً بكل أشكال التدخل غير المشروعة في صناديق انتخابها، وكان الكثير من تلك الممارسات بمباركة أو حتى تحت إشراف بعض أفراد السلطة، بل إن ما نشاهده اليوم من تطاول وهجوم وتحريض على مجلس الأمة، ليس سوى امتداد لحال اليأس من إلغاء هذا المجلس واللجوء إلى تشويه صورته بكل شراسة، ولعل آخر أمثلة على ذلك عدم التورع عن دفع الأموال العامة لضرب الديموقراطية الكويتية في الصحف الأجنبية، كما إن الحرب الصحفية والنفسية التي يحاول البعض إضرامها على شماعة الاستجواب المقدم الى وزير النفط، والدعوات الصفراء لحل المجلس وصبغها بقشرة (الحل الدستوري!)، ما هي إلا ردة فعل حاقدة للضربة القاصمة التي أخرست أصوات الانقلاب على الدستور عبر التحريض على إلغاء مجلس الأمة، وليس غريباً أن من يقود هذه المؤامرة هم ممن كوّنوا إمبراطوريات نفوذهم وأموالهم وأبواقهم الإعلامية نهباً من أموال الشعب وخيرات الدولة، في هستيريا الانتقام من المجلس، الذي بات يهدد تلك العروش ويكشف حقيقتهم أمام الرأي العام.ولهذا، فإن حل المجلس ليس حلاً!! فإذا كان ما يسمى بالحل غير الدستوري (حامض على بوز) المتعطشين له، فإن الدعوة الى انتخابات مبكرة سوف تأتي لا محالة برجال من أمثال أحمد الخطيب وسامي المنيس وطلال الجري وعبدالله النفيسي ومحمد المرشد وأحمد السعدون وعدنان عبدالصمد ووليد الجري ومسلم البراك وعادل الصرعاوي وعلي الراشد (على سبيل المثال لا الحصر) ليواصلوا الدفاع عن نهج الديموقراطية، فلا الرحم الكويتي عقم عن إنتاج رجال السياسة والشهامة والغيرة الوطنية، ولا الوعي الشعبي عاجز عن اختيارهم لتمثيل الشعب ووضعهم على (جبود الفاسدين والمفسدين) من جديد!!
مقالات
الحل ليس بالحل!
11-06-2007