Ad

هذه الحركة التدويرية الضخمة المشاعة، إن صحت، تشير إلى أن النظام إما عاجز عن قراءة الساحة السياسية، أو أنه يقرأ لكن يتعامى ليستمر في مسيرته التي لم تفض خلال سنوات طويلة متعاقبة إلاّ إلى سلسلة من الإخفاقات الشاملة، وإلى انهيار البنية التحتية للبلاد وتدهور التنمية على كل صعيد!

تشير الأنباء إلى أن رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد قد انتهى من رسم شكل الحكومة القادمة، وأن التشكيلة الجديدة قد باتت جاهزة، وصارت المسألة بضعة أيام لتتصدر الصحف صور لمن سيتأبطون الحقائب الوزارية الجديدة.

المثير في ما نُشر هو أن الحكومة الجديدة ما هي إلا حكومة «مدوّرة» في شق كبير منها، وأن النية تتجه نحو تدوير وزير الإعلام عبد الله المحيلبي إلى وزارة الصحة التي يشغلها حالياً بالوكالة، وذلك من أجل إنهاء الملاحقة النيابية له في ما يتعلق بأزمة إعلان الأهرام الشهير، وتدوير وزير الشؤون الاجتماعية والعمل الشيخ صباح الخالد إلى وزارة الإعلام لإنقاذه من استجواب يترصده من قبل كتلة العمل الوطني على خلفية عدم تنفيذه قوانين الرياضة، وتدوير وزير المالية بدر الحميضي إلى وزارة النفط بهدف تحاشي استجواب يعتزم النائب د. ضيف الله بورمية تقديمه، وربما كذلك تدوير وزير التجارة والصناعة فلاح الهاجري إلى وزارة العدل والأوقاف!

هذه الحركة التدويرية الضخمة، إن صحت، تشير إلى أن النظام إما عاجز عن قراءة الساحة السياسية، أو أنه يقرأ لكن يتعامى ليستمر في مسيرته التي لم تفض خلال سنوات طويلة متعاقبة إلاّ إلى سلسلة من الإخفاقات الشاملة، وإلى انهيار البنية التحتية للبلاد وتدهور التنمية على كل صعيد!

مازلنا نأمل من الشيخ ناصر المحمد، وهو من لم يكفّ الجميع في كل المناسبات عن ترديد عبارات الثناء والمديح له بسبب نزعته «الإصلاحية»، ورغبته «الحقيقية» في إخراج البلاد من حال التدهور والجمود التي تعتريها، أقول مازلنا نأمل منه أن يقدّم على أرض الواقع ما يعزز هذا. لكن تدوير الشيخ صباح الخالد، إن حصل ذلك، وهو من عجز أو امتنع بمحض إرادته، لا فرق، عن تنفيذ قوانين الرياضة الصادرة عن البرلمان بموافقة الحكومة، وهي التي تحمل توقيع سمو أمير البلاد، هو شيء معاكس للإصلاح تماماً، بل إنه بمنزلة صفعة للبرلمان وللديموقراطية بأسرها. كيف يُراد لنا أن نطمئن إلى أن وزيراً على هذه الشاكلة سيكون نافعاً في وزارة الإعلام؟! وأن هذه الخطوة هي خطوة إصلاحية؟!

إن تدوير الوزراء المرفوضين شعبيا للهرب بهم من مواجهة استجوابات مرصودة، على خلفية قضايا معتبرة، هو مسعى مجاف ٍتماماً للنهج الإصلاحي المزعوم، بل إنه تحد ٍسافر للإرادة الشعبية سيؤدي لا محالة إلى زيادة الاحتقان ما بين الحكومة والبرلمان ويدفع بعلاقتهما، المتأزمة أصلاً، إلى مزيد من الاحتقان والتعقيد.

كلّي أمل أن يعود الشيخ ناصر المحمد، فيُمعن النظر في ما وصلت إليه الأمور في الكويت، وأن يتذكر المسؤولية التاريخية الجسيمة التي في عنقه تجاه الكويت وشعبها، وأن يدرك بعدها أن تشكيلة حكومية وفق ما أثارته الصحف لن تقود البلاد إلاّ إلى المزيد من التدهور!