لعبة قذرة!!
إن ما يريده خالد مشعل من أجل تلبية نزعة الزعامة التي تلح عليه هو إيقاف عملية السلام ليؤكد للعالم أنه عنوان القرار الفلسطيني، وإسقاط السلطة الوطنية ومحمود عباس، ونقل ما حصل في غزة إلى الضفة الغربية ليكرس نفسه زعيماً «محبوباً ومحترماً» للشعب الفلسطيني!!
مأساة غزة أنها غدت حلبة لمبارزة شخصية بين خالد مشعل، المقيم في دمشق و«المستقتل» في أن ينصب نفسه زعيماً للشعب الفلسطيني خلفاً للرئيس الراحل ياسر عرفات، وبين إيهود أولمرت الذي يشتد عليه ضغط الأضداد، لذا فإنه لا يجد ما يواجه به هؤلاء سوى ركوب قطار التصعيد والمزايدة وتشديد الهجمات على هذه المدينة المنكوبة. وبالطبع فإن الذي يدفع الثمن هو هذا الشعب المسكين الذي كل تاريخه نكبات في نكبات... ومعظم نكباته سببها الأول بعض الذين يعتبرون أنفسهم قيادات له ولا يترددون في دفعه إلى الإنتحار من أجل الوصول إلى مواقع الزعامة. خالد مشعل، المستعجل جداً لوراثة ياسر عرفات والمتهالك جداً من أجل اعتماده زعيماً للشعب الفلسطيني من قبل مَن يقيم عندهم ومن قبل محمود أحمدي نجاد وبعض العرب العاربة والمستعربة، يعلن أنه حقق توازن «الرعب» مع إسرائيل... تصوَّروا!! ويواصل لعبة صواريخ القسام الدخانية التي إن هي جرحت بعض الإسرائيليين بالزجاج المتطاير ومن قبيل «ربَّ رميةٍ من غير رامٍ» فإنها لم تقتل إلا عجوزاً إسرائيلية بالسكتة القلبية. وأولمرت الذي ينتظر تقرير «فينوغراد» المتعلق بتقصيره وعدم كفاءته في حرب يونيو عام 2006 بين إسرائيل و»حزب الله»، المنتظر أن يصدر في نهايات هذا الشهر، يسارع إلى الرَّد على هذه الصواريخ التي بقيت تنهمر على بلدة «سديروت» الإسرائيلية كألعاب نارية جميلة بتحريك آلة الحرب التي تحت يده برّاً وبحراً وجواً فيقصف غزة المسكينة البائسة حتى تتحول إلى ما يشبه العصف المأكول. إنها لعبة قذرة فهذا الشاب المـُصاب بمرض الزعامة الذي يحاول تقليد ياسر عرفات ولكن في ظرف مختلف وبكفاءة أقل، لا مانع لديه في أن تحترق غزة وأن تبقى تنـزف وتئن ومرتجفة الفرائص وتصدر صرخات الإستغاثة بلا مغيث فالمهم أن يتلقى اتصالاً من محمود أحمدي نجاد والمهم أن يقف أمام عدسات كاميرات الصحف والفضائيات جذلاً ويعلن أنه حقق توازن الرعب مع إسرائيل... وأي رعب؟.. تصوروا!!إن ما يريده خالد مشعل من أجل تلبية نزعة الزعامة التي تلح عليه هو إيقاف عملية السلام ليؤكد للعالم أنه عنوان القرار الفلسطيني، وإسقاط السلطة الوطنية ومحمود عباس، ونقل ما حصل في غزة إلى الضفة الغربية ليكرس نفسه زعيماً «محبوباً ومحترماً»!! للشعب الفلسطيني وعلى غرار ما كان عليه وضع كيم إيل سونغ كوريا الشمالية وماوتسي تونغ الصين وهوشي منه فيتنام مع الفارق الكبير، ومع أنه شتان ما بين هذا وذاك. وإن ما يريده إيهود أولمرت هو إغلاق أفواه أولئك الذين عيونهم على كرسي الحكم خلفاً له من زعيم الليكود بنيامين نتنياهو إلى زعيم حزب العمل إيهود باراك إلى تسيبـي ليفني وزيرة خارجيته فالمزايدة بالنسبة إليه غير مكلفة مادام أن مادتها أجساد الأطفال الفلسطينيين ومادام أن ساحتها غزة هاشم المنكوبة.لابد أن تقال الحقيقة بوضوح عين الشمس؛ والحقيقة أن الذي يجري في غزة وعلى غزة لعبة قذرة يوفر فيها خالد مشعل من خلال صواريخه الكاذبة التي تشبه الألعاب النارية ليلة عيد الميلاد ورأس السنة الجديدة كل المبررات التي يريدها إيهود أولمرت ليفعل كل ما يفعله... لذلك يجب ألا يبقى الرأي العام العربي مُبتَزاً ويجب ألاَّ يكون موقف العرب الرسمي مختطفاً من قبل أصحاب الأصوات المرتفعة والأفعال القليلة... يجب القول لهؤلاء الذين يلعبون هذه اللعبة بدماء الفلسطينيين وأجسادهم وأمنهم وإستقرارهم: كفى...كفى. * كاتب وسياسي أردني