Ad

ثمّة رسائل نصّية «مسجات» كالماء بلا لون ولا طعم ولا رائحة، تشهدك بأنها صيغت وأرسلت لمجرد إثبات «الحضور» والإعلان عن الاسم الكريم لحضرة المرشح ليس إلاّ! وهذه الصيغة المختزلة قد تكون مفيدة وناجحة لترويج منتج استهلاكي شهير لا يحتاج حضرته إلا ذكر اسمه ليهرع القوم المستهلكون إلى اقتنائه في التو والحين من دون تردد.

حتى الآن لم أقرأ رسالة نصيّة «مسج» يمكن أن تكون مجدية للناخب، فضلاً عن المرشح! لكنها مفيدة جداً لشركة «زين» من دون شك ولا حسد... بل اللّهم زد وبارك! ولعل حداثة الوسيلة الاتصالية التواصلية، واستخدامها للمرة الأولى في الترويج للمرشح، يفسر فجاجة أسلوب الخطاب، وسذاجة محتواه! أقول ذلك دون تعميم بالضرورة.

أحد المرشحين لم يجد غضاضة في أن يحيل «الموبايل» الرقمي الحداثي إلى فضاء لاستجداء النخوة «تكفه يا خوي لا تنساني أنت وعيالك وزوجاتهم»! أفهم أن ينتخي المرء طالبا معونة الآخرين، لإطفاء نار شبت في بيته، أما أن يفعل ذلك بغية ترشيحه وتفضيله على غيره، فهذا هو العجب العجاب، أي نعم كان «انتخاء» الناخبين سائداً ومقبولاً في الانتخابات الأولى، ربما لوجود جيل الآباء الذي يعي ويؤمن «بثقافة النخوة» ويمارسها في حياته اليومية. أيا كان الأمر يبدو أن تقنيات الاتصال الرقمية سيكون لها شأن في انتخابات 2012. لاسيما أنها أسهمت في ممارسة الانتخابات الفرعية، وكذلك في فضحها وضبطها متلبسة بالجرم «المنشود»! ووسط المعمعة التي وقعت بين قبيلة العوازم والشرطة، شاع بين المواطنين «مسج» ساخر منحاز إلى إخوتنا «ولاد عطا» يقول: إن أطفال الحجارة في فلسطين المحتلة أرسلوا إلى هذه القبيلة طناً من الحجارة وآلاف «النبابيط» لمقاومة أسلحة الردع التي استخدمتها قوات مكافحة الشغب ضدهم!

* وثمّة رسائل نصّية «مسجات» كالماء بلا لون ولا طعم ولا رائحة، تشهدك بأنها صيغت وأرسلت لمجرد إثبات «الحضور» والإعلان عن الاسم الكريم لحضرة المرشح ليس إلاّ! وهذه الصيغة المختزلة قد تكون مفيدة وناجحة لترويج منتج استهلاكي شهير لا يحتاج حضرته إلا ذكر اسمه ليهرع القوم المستهلكون إلى اقتنائه في التو والحين من دون تردد. ولأن الناخبين لا يقترعون للتفاضل بين المشروبات الغازية إياها، تغدو هذه «المسجات» بمنزلة حرث في البحر، وهتاف في صحراء يباب لا إنس فيها ولا جن! ولذا لا أغالي إذا ذكرت أنها تُقرأ بواسطة ممحاة، لأن المتلقي لها يقرؤها شذراً، ويتخلص من متنها السقيم بلمسة زر «المحاية»!.

وقد لفت نظري عدم استخدام المرشحات لهذه الوسيلة، ربما لأن «المسجات» تحتاج إلى «محرم» للخروج خارج الدار والحي والحدود! أو لرغبتهن في استخدامها في الأيام الأخيرة تأسيا بالقول الشعبي المأثور: «كل تأخيرة فيها خيرة»، وأياً كان الأمر أحسب أن خطاب العديد منهن ينطوي على طرح أنثوي يكرس سطوة واستبداد المجتمع الذكوري من حيث لا يحتسبن! حسبهن دليلا لما هذرت به آنفا متابعة وتحليل مضمون المسجات الساحرة؛ الطافحة بالتمييز وكل المشاعر والممارسات التي يجابه بها المجتمع الذكوري نصفه الآخر المتبدي في المرشحات، فجل النكت الموجهة ضد العديد من المرشحات قد تكون ضاحكة مضحكة، لكنها لا تصلح للنشر إلا على حبل غسيل النميمة الطويل، ولكونها تصول وتجول في المناطق الحميمة، و«تعايرها» بصفاتها الخلقية الجبلّية الربانية، كما هو دأب حضرة «سي السيد» وطبعه المثبت على منطقة «الحرملك» وهو الاسم الحركي الذي ينعتون به السجن المركزي الذكوري للنساء!

أما «المسجات» المطرزة بآية من القرآن الكريم، سعياً إلى دغدغة المشاعر الدينية لمعشر الناخبين، فإنها تنطوي على تزكية للنفس بجرأة لا يغبط عليها أصحابها! فضلا عن أنها لا تتماهى مع شخصية المرشح وقدراته وتوجهه! زد على ذلك «إذا حبيت» مسألة كون القرآن الكريم: «حمال أوجه» بحسب القول المنسوب لسيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فالمرشح الذي يتواءم بشخصيته مع الرسل والأنبياء بجرة مسج قرآني، يفترض سلفاً بأن الناخبين الشباب يمكن أن ينطلي عليهم تسييس القرآن، واقتلاع آياته الكريمة من سياقها الموضوعي والتاريخي، ومن ثم إقحامها في متن الخطاب الدعائي الانتخابي لتجلب له أصوات «الحور العين» و«الولدان المخلدين» يوم الحساب الديموقراطي! أما «حساب» شركة «زين» للاتصالات فحدّث عنه ولا حسد... لأنه «زين» بحق اسما ومعنى وفعلا. وإن بدا كالمنشار «طالع واكل، نازل واكل، نايم واكل»، وما ذكرته ليس ذما لا سمح الله. لكنه هجاء لبعض مسجات المرشحين التي لا تحرك ساكنا، ربما لأنها تفتقر إلى التواصل الرقمي الخاطف مع «بني موبايل» قبيلة الناخبين المعاصرين.

إن الموبايل وسيط شعبي ديموقراطي بامتياز، لكن القوم أحالوه إلى فضاء ملوث «بالكسر» وملوث «بالفتح» كما هو دأب إنسان العالم الثالث «عشر»، وشأن الآدمي في الدول النايمة أو النامية... لا فرق!