أزمة وبرامج

نشر في 16-04-2008 | 00:00
آخر تحديث 16-04-2008 | 00:00
 د. بدر الديحاني

نحن بحاجة ماسة لطرح تصوراتنا العملية لكيفية إصلاح نظامنا الديموقراطي الذي لم يتطور منذ سنين، بل بالعكس جرت، ولم تزل، محاولات لتفريغه من محتواه خصوصاً في ما يتعلق بالحقوق المدنية والحريات العامة والبناء المؤسسي الدستوري.

مع الإعلان الرسمي عن فتح باب الترشيح لانتخابات مجلس الأمة، فإننا نتمنى أن نرى برامج انتخابية عملية للمرشحين يتم بناء عليها المفاضلة بينهم من قبل الناخبين. لقد اعتاد بعض المرشحين المكررين منذ سنوات طويلة أن يسطر مجموعة «كلاشيهات» نمطية لتشكل ما يسمى برنامجه الانتخابي. وهذه «الكلاشيهات» ما هي إلا نسخ لكلمات فارغة المحتوى أصبحت من دون قيمة جراء كثرة تكرارها. وحتى لو كتبت في ما يسمى البرنامج الانتخابي قضايا عامة فإنها غالباً ما توضع من دون فهم أو إدراك وشرح لماهيتها أو كيفية تطبيقها.

فعلى سبيل المثال كانت الغالبية العظمى من المرشحين تتحدث عن التعليم والاقتصاد والأمن والإسكان والتركيبة السكانية والخدمات الصحية والتلوث البيئي وكل شىء تقريباً حتى ثقب الأوزون وتطرحها كقضايا ضمن ما يسمونه برامجهم الانتخابية، من دون تحديد واضح لطبيعة هذه القضايا وكيفية ترجمتها عملياً لبرنامج واقعي. لذا فإن غالبية المرشحين سرعان ما تتناساها بمجرد نجاحها وكأنها وضعت للدعاية الانتخابية فقط أو لاستكمال الشكل الانتخابي بعيداً عن مضمون هذه القضايا أو مدى واقعيتها.

الآن مع التوزيع الجديد للدوائر فإننا نتمنى أن تأخذ المعركة الانتخابية طابعاً سياسياً مختلفا عما تعودنا عليه في النظام الانتخابي السابق. وحيث أن الأزمة السياسية قد بلغت حداً لا يمكن السكوت عنه لأنه أصبح معرقلاً لتطور ونمو البلد،

وحتى تكون هذه الانتخابات مميزة وذات طابع سياسي، فإننا نأمل أن تتركز البرامج الانتخابية للمرشحين حول رؤيتهم لكيفية الخروج من الأزمة السياسية التي تعانيها الكويت، على أن تأخذ هذه الرؤية في الاعتبار كيفية تدعيم أسس المجتمع المدني الديموقراطي والدولة الدستورية المعاصرة اللذين حدد الدستور إطارهما العام. بالتأكيد فإن الرؤى ستختلف وسيؤدي النقاش للخوض في التفاصيل ضمن الرؤية العامة التي يطرحها كل مرشح أو قائمة انتخابية، وهذا بحد ذاته شىء طبيعي وصحي تحتاجه الكويت في هذه المرحلة التاريخية الحاسمة.

لاشك أن عدم وجود أحزاب سياسية ديموقراطية سيحد من جودة وواقعية البرامج الانتخابية للمرشحين حيث ستكون في الغالب مجرد تمنيات. ولكن رغم ذلك فمن المفيد في وضعنا الحالي أن تكون الحملات الانتخابية مجالاً خصباً لطرح الرؤى والأفكار لتشكل ما يشبه المؤتمر الوطني الذي من المفروض أن تقوم الحكومة بمتابعة ورصد وتحليل ما يطرح خلاله للخروج بتصور مبدأي عام لما يريده الكويتيون، على أن يترجم هذا التصور في برنامج عمل الحكومة الجديدة.

من ناحية أخرى فإننا في حاجة ماسة لطرح تصوراتنا العملية لكيفية إصلاح نظامنا الديموقراطي الذي لم يتطور منذ سنين، بل بالعكس جرت، ولم تزل، محاولات لتفريغه من محتواه خصوصاً في ما يتعلق بالحقوق المدنية والحريات العامة والبناء المؤسسي الدستوري، ويأتي مشروع المرسوم غير الدستوري الجديد الخاص بالتجمعات الذي كادت الحكومة أن تقره لولا المعارضة الشعبية الكبيرة ليكون خير شاهد ودليل على ما نرمي إليه.

لذا فإن الحملات الانتخابية فرصة مناسبة لتحريك المياه الراكدة وللتعرف على مشاكلنا الرئيسية. كما أنها فرصة أيضاً لكي تكون اختياراتنا الانتخابية مبنية على أسس موضوعية. فهل سنرى برامجاً انتخابية تكون على قدر التحدي التنموي الذي يواجهنا أم أننا سنشاهد تكراراً «للكلاشيهات» الانتخابية البالية؟!

نافذة:

أتمنى أن تبدي الحكومة الحماس نفسه الذي أبدته أثناء محاولاتها منع الانتخابات الفرعية القبلية، لوقف عمليات شراء الأصوات والاستخدامات المتعددة للمال السياسي التي كثر الحديث عنها خصوصاً في الدائرتين الانتخابيتين الثانية والثالثة.

back to top