Ad

النقاش الحضاري البعيد عن التكسب يوم الرابع من ديسمبر هو الذي يجب أن يسود بين المؤيدين والمعارضين، لعلنا نكتشف، على الأقل، هل كان إسقاط القروض قضية فاشلة تولاها محامون ناجحون، أم انها كانت قضية ناجحة أفشلها المحامون المترافعون فيها؟!

في بعض الأحيان يكون لديك موقف أو رأي معين من قضية ما، لكن مستجدات وتطورات قد تطرأ على تلك القضية ربما تجعلك تراجع ذلك الموقف وتعيد تقييمه وصولاً إلى ما يتفق مع قناعاتك استجابة لقاعدة «التراجع عن الخطأ خير من التمادي فيه».

من هنا، فإنني لم أكن في يوم من الأيام مؤيداً لموضوع إسقاط القروض بالصيغة التي طرحها النائب ضيف الله أبو رمية في دور الانعقاد الماضي لأسباب عدة يأتي على رأسها إدراكي أن القانون لن يمر، وبالتالي فإن الذهاب بالمواقف السياسية بعيداً في دعم مشروع مات قبل ولادته يمثل مضيعة للوقت، إضافة إلى أن القانون المقدم آنذاك كان قانوناً فضفاضاً لم يحصر المتضررين المستهدفين بإيجاد الحلول، ففقد المنطقية والقبول حتى من أكثر المتحمسين له.

لقد كان مرور عام تقريباً على سقوط القانون المذكور عند طرحه للنقاش، فرصة مناسبة للحكومة لطي هذا الملف نهائياً وامتصاص موجة التأييد له نيابياً وشعبياً، من خلال استغلال تلك الفترة، عبر العمل على تقديم مبادرات حكومية لتحسين الوضعين المالي والمعيشي للمواطن وليس انتظار المبادرات النيابية في هذا الإطار، وكذلك ضخ أموال معلنة لتطوير البنى التحتية للبلاد، بل والبدء في ذلك على أرض الواقع؛ كبناء مدينة طبية متكاملة مثلاً، لأن الناس لم تعد تصدق الوعود. كل هذه الأمور كانت كفيلة بأن تقوي موقف الحكومة من موضوع إسقاط القروض عند طرحه مجدداً، لكن المشكلة أن الحكومة كانت، كما في السابق، لديها قدرة عجيبة على خلق المبررات للنواب من أجل افتراسها وإظهارها أمام الشارع بمظهر الضعف.

إن قرار دولة الإمارات العربية أخيراً بزيادة رواتب موظفي الاتحاد بنسبة 70%، وقبل ذلك إسقاط ديون المواطنين السعوديين المتوفين المستحقة للجهات الحكومية كبنك التسليف الزراعي والعقاري، وهي أمثلة من المقرر أن يثيرها النواب في جلسة الثلاثاء القادم لإحراج الحكومة، بما يشكل إحراجاً حتى لأولئك الرافضين إسقاط القروض من النواب، أما الحكومة، وبتعاطيها الحالي مع المشكله، فلن تنفعها أرقامها الموجودة لديها، ولا تقرير البنك الدولي الذي حذر من إسقاط القروض، ولا فتوى طيب الذكر الدكتور محمد الطبطبائي الذي لا أفهم معنى لها في دولة يحكمها الدستور وليس «المُفتون».

عموماً لا أظن أن هناك إنساناً عاقلاً لا يقر بأن القروض وتراكمها باتا يشكلان مشكلة مالية واجتماعية وأمنية في الكويت، لكن طرق العلاج وإيجاد الحلول تختلف حسب فهم هذه الكتلة أو تلك، وما دمنا متفقين في هذه الجزئية، فإن النقاش الحضاري البعيد عن التكسب يوم الرابع من ديسمبر هو الذي يجب أن يسود بين المؤيدين والمعارضين، لعلنا نكتشف، على الأقل، هل كان إسقاط القروض قضية فاشلة تولاها محامون ناجحون، أم انها كانت قضية ناجحة أفشلها المحامون المترافعون فيها؟!