Ad

أي قانون تريد الحكومة تطبيقه؟ قانون تجريم الفرعي! لنسلم بالأمر، فنحن نشدّ على يدها لتطبيق هذا القانون، ولكن هل الآليات والطرق المستخدمة هي الأفضل؟ الإجابة بكل تأكيد: لا وألف لا... فالحكومة كان يجب عليها خلق الأرضية المناسبة لتطبيق هذا القانون عبر حملات إعلامية مدفوعة الأجر توعّي الناخب والمرشح بعواقب الاشتراك في الفرعي.

منظر مشاهدة القوات الخاصة، أو دوريات الشرطة بكثافة، ارتبط في أذهان المواطنين على مدى السنوات الماضية بأحداث سعيدة كالاحتفال باليوم الوطني أو بعيد التحرير، أو إقامة مباراة نهائية على كأس الأمير، بمعنى أن هناك انطباعاً وشعوراً تكرس لدى الناس بالربط بين الوجود الأمني المكثف والفرح والاحتفال، لكن ما حدث أول من أمس في منطقة الصباحية، وما سبقه من أحداث مشابهة في الدائرة الخامسة على مدى الأيام الماضية، قلبت المعادلة رأسا على عقب بعد أن أصبحت قوات وزارة الدخلية في خانة «العدو» بالنسبة لشريحة كبيرة من أبناء الوطن، بغض النظر عن الدواعي والمسببات التي وقفت وراء ما حدث.

من نافلة القول التأكيد على ضرورة احترام القانون من قبل الأفراد والجماعات، في المقابل لا يمكن القبول بمبدأ التجاوز والتعسف الذي قد يصل إلى درجة «امتهان» كرامات الناس، تحت ذريعة تطبيق القانون، حتى إن كان الأمر هنا يتعلق بـ«تجريم» الفرعيات التي ترفضها شريحة كبيرة من أبناء القبائل قبل غيرهم.

مؤسف جداً أن تتم أولى عمليات تطبيق القانون تحت عباءة فرض «هيبة الدولة» على قبيلة «العوازم» العزيزة التي لا يشكك في انتماء أبنائها وحبهم للكويت إلا مريض، وهذا ندعو له بالشفاء، أو حاقد، وهذا نترفع عن مجادلته، فأبناء هذه القبيلة الكريمة هم أحد مكونات الدولة التي أثبتت التجارب والمحن، وقبل ذلك «التاريخ»، أنهم أهل الولاء والانتماء لهذا الوطن، بل إنني أعتقد أن «العوازم» كقبيلة، هم في واقع الأمر ظاهرة اجتماعية و«قانونية» يجب أن تدرّس للآخرين، فهم أكبر قبيلة في الكويت، لكنهم الأقل مشاكل والأكثر احتراماً للقانون، فنادراً ما تجد تاجر مخدرات، أو مجرما، أو إرهابياً، أو قاتلاً، ينتمي إلى هذه القبيلة إلا كوجود الشيبة البيضاء في رأس ابن العشرين عاما.

أي قانون تريد الحكومة تطبيقه؟ قانون تجريم الفرعي! لنسلم بالأمر، فنحن نشدّ على يدها لتطبيق هذا القانون، ولكن هل الآليات والطرق المستخدمة هي الأفضل؟ الإجابة بكل تأكيد: لا وألف لا... فالحكومة كان يجب عليها خلق الأرضية المناسبة لتطبيق هذا القانون عبر حملات إعلامية مدفوعة الأجر توعّي الناخب والمرشح بعواقب الاشتراك في الفرعي، بل تنشر ثقافة تأثير ذلك في العملية الديموقراطية، وسوء مخرجات تلك الانتخابات مثلا، لأن الرصاص المطاطي، والقنابل المسيلة للدموع ليست هي الحل لتغيير مفاهيم خاطئة تكرست على مدى عقود، وكانت الدولة هي الراعي والحاضن لها للأسف.

لابد هنا أن نتساءل: أي قانون تريد الحكومة تطبيقه؟ القانون المتعلق بشريحة اجتماعية معينة. أين تطبيق قوانين الرياضة؟ وأين قانون أملاك الدولة والتجاوزات عليها، عدا الديوانيات، لأنها الحلقة الأضعف؟ وأين قانون هيئة سوق المال؟ وأين قانون منع الاحتكار؟ وأين وأين وأين؟ فقط قانون تجريم الفرعي هو الذي يعيد للدولة هيبتها؟ فقط منع الفرعيات هو الذي سيجعل الكويت دولة مؤسسات وقانون؟

أتمنى على القوى الوطنية، خصوصا التيار المدني عدم الانجرار خلف هذه الأطروحات الحكومية وتصديقها، فالثور الأسود، سيتبع أخاه الأبيض يوماً ما!

على كل يبدو أن السلطه لا تتحمس إلا لتطبيق القوانين التي تحدث فرزاً اجتماعياً خطيراً، يعيد للواجهة من جديد حديث الانتماءات والولاءات، ولنا أن نتساءل: ترى كيف سيكون تأثير صوت القنابل على أطفال وصغار منطقة الصباحية الذين أرعبهم ما حدث، غداً سيكبرون وستظل في ذاكرتهم صورة وأصوات تلك المواجهة، أما ما نقوله لكبار وعقلاء الأسرة الحاكمة: تمعنوا في الصور التي نشرتها الصحف والفضائيات، ستجدوا أخاً مدنياً يقذف أخاه العسكري بحجر، والآخر يرد بإلقاء قنبلة، فهل هذه الكويت التي تريدون؟