أصبحت الدائرة الواحدة تضم الكثير من المناطق السكنية، بعقليات متعددة لعلها تنظر إلى مصلحة الوطن قبل كل شيء، ولعلنا نرى في المجلس القادم مجلساً يعادل بعض الشيء مجلس الأمة لعام 85 من القوى السياسية والرقابة الصحيحة المتزنة وتعاون مع الحكومة في التنفيذ على أرض الواقع. تقصير الحكومة الماضية وتشنجات المجلس الفائت الذي حُل، خلقت عدم تعاون السلطتين، ولكن الحكومة وضعت كل المسؤولية على عاتق مجلس الأمة لوحده، وهذا إجحاف في حق هذا المجلس، إنما التقصير مشترك بينهما، فالمجلس أنجز الكثير من القوانين والتعاون، فكما رأينا في جلسة واحدة تمت الموافقة على ثلاثة قرارات إصلاحية واقتصادية وغيرها من قوانين أخرى، ولكن أين جهة التنفيذ؟ بل إن حقيقة الأمر أن المسؤولية تقع على عاتق الحكومة في كثير من الأمور لأنها الجهة التنفيذية ولترديها في كثير من القضايا التنموية الوطنية وتعطيل عجلتها، فضلاً عن تقاعسها في معالجة ارتفاع الأسعار وترددها في كيفية التعامل مع زيادة الرواتب وضعف معالجتها لقضية التأبين مما زاد حدة التصادم بين السلطتين وتردي لغة الحوار مما جعل نواب مجلس الأمة يتعاملون مع هذه الأحداث وكأنهم هم من يقودون المركبة والحكومة راكبة في رحالها مستمتعة بالرحلة، عندما تصبح الحكومة عاجزة عن إدارة شؤونها وشؤون الدولة يجب عليها أن ترحل ويأتي من يستطيع أن يقود وليس من ينقاد لما ينتج عن ذلك من عدم التعاون بين السلطتين، وهو أمر بديهي قرارات تخبطية ومشاريع حبيسة الأدراج مصفرة الأوراق عفى عليها الزمن، ولم نر تنفيذاً لها، والأدهى من ذلك وأمر التناقضات السياسية في القرارات الوزارية، فلا يوجد هناك ناطق رسمي للحكومة مما يجعل كل وزير يصرح ويقرر من دون الرجوع إلى الأجندة السابقة له لكي يضبط تصريحاته، لذلك أتمنى من القيادة السياسية والحكومة القادمة في المستقبل القريب أن تحسب لما يأتيها من أعاصير شبابية من نواب جدد تكون واعية للقوانين البرلمانية وتدرسها قبل مداولتها في المجلس للمناقشة لكي تضع النقاط فوق الحروف، فعلى الحكومة أن تتفهم ماذا يريد منها الشارع الكويتي وعليها أن تختار وزراء يكونون أصحاب قرارات ذات فاعلية وسرعة في التنفيذ للمتراكم منها والآتي، أملا في التعاون المثمر.
أما فيما يخص الفصل التشريعي الثاني عشر لانتخابات مجلس الأمة القادم فكأني أرى في الأفق حياة سياسية جديدة نتيجة التغيرات المفرزة من الانتخابات الجديدة القادمة بدرجة عالية جدا من الوعي السياسي ونمط ديموقراطي متعمق في بعض أمور الحياة الاجتماعية والتعليمية وغيرها... وذلك بسبب التنظيم الجديد للدوائر الانتخابية التي أصبحت خمس دوائر بدلاً من خمس وعشرين دائرة، فإن العمل في هذا النظام الجديد إنما يعتبر مرحلة جديدة ذات اختبارات ناجحة أحيانا، كيف لا وهي قد جاءت من مطلب شعبي يريد التغيير للأفضل والتقليل أو القضاء على شراء الذمم ونقل الأصوات.
فالدوائر الخمس هي بداية لتحالفات جديدة للحركات والأحزاب السياسية المحلية، وهي بداية لفتح باب ديموقراطي مكتمل المعالم، فبعد أن كان ينقصه الكثير في اكتمال المسيرة الحرة سيفرز لنا هذا النظام الجديد وصول تيارات مختلفة ذات عقول متفتقة وقلوب محبة لتطور البلاد وحفظ المال العام ورعاية حقوق المواطنين بروح وطنية واحدة.
صحيح أن الدوائر قلت عن سابقاتها ولكنها زادت في انتماءاتها الوطنية وأفكارها التنموية حتى أصبحت الدائرة الواحدة تضم الكثير من المناطق السكنية، بعقليات متعددة لعلها تنظر إلى مصلحة الوطن قبل كل شيء، ولعلنا نرى في المجلس القادم مجلساً يعادل بعض الشيء مجلس الأمة لعام 85 من القوى السياسية والرقابة الصحيحة المتزنة وتعاون مع الحكومة في التنفيذ على أرض الواقع.