مفهوم الوطنية... في زمن رويبضات السياسة

نشر في 27-02-2008
آخر تحديث 27-02-2008 | 00:00
 سعد العجمي

قبل أن يتكلم أي نائب أو يحدد أي تيار سياسي، شروط ومقاييس الوطنية، عليه أن ينبش في ملفاته جيداً، فهي قد تحوي ما يلجم لسانه عن توزيع التهم جزافاً، فجرائم «طعن» الوطن أياً كان نوعها لا تسقط بالتقادم كغيرها، وعلى القوى السياسية والكتل البرلمانية الاستفادة من هذه التجربة «المريرة».

أتمنى أن يكون انحسار صخب حفلة الزار التي أقامها بعضهم بعد حادثة التأبين مرده إلى قناعة متعهدي تلك الحفلة بأنهم قد تجاوزوا الخطوط الحمر في خصومتهم وبالتالي عادوا إلى رشدهم، رغم أنني أشك في ذلك، وبالتالي أرجح خيار أن ما جرى ليس سوى إجراء تكتيكي بعد أن حققت تلك الحملة «المشبوهة» أهدافها سياسياً واجتماعياً، على اعتبار أن التجارب السابقة أثبتت أن المصلحة الوطنية تأتي دائماً في آخر سلم أولوياتهم.

لقد أثبتت أزمة «التأبين» بما لا يدع مجالاً للشك مدى الانتهازية الفاضحة في تعامل أغلب التيارات والقوى السياسية مع القضايا الوطنية مهما بلغت درجة حساسيتها أو خطورتها على الأمن الاجتماعي، لتتوارى المصلحة العامة وراء غبار العدو خلف المصالح الشخصية أو الحزبية، حتى أن بعض شركاء «المذهب» مع عبدالصمد ولاري مارسوا أنواعاً مختلفة من تلك الانتهازية لتحقيق بعض المكاسب السياسية للأسف.

الوطن والمواطنة بالنسبة لي ولكثيرين غيري، كل لا يتجزّأ، فمن أبـّن مغنية، كمن سرق أو اختلس أو تجاوز على المال العام، وهو أيضاً لا يقل جرماً عمّن زوّر في قيد انتخابي، أو استخدم الأموال لشراء أصوات الناخبين وإفساد العملية الديموقراطية، وهؤلاء للأسف كانوا نجوم حفلة الزار تلك، إما من خلال ظهورهم الإعلامي المفرط، أو عبر بياناتهم الصحفية التي لم تعد الصحف تستوعبها لكثرتها.

ولأن رويبضات هذا الزمن الرديء هم أكثر من يتحدث عن الوطنية، فإننا لا نتقبل «دروسهم» التي أبدع بعض السياسين والإعلاميين في تلقينها لأهل الكويت خلال تلك الحفلة، لأننا نحفظها عن ظهر قلب، ولكن وفق مواصفاتها لدى كل كويتي شريف، وليس وفق ما يريد بعضهم أن يزرعه في عقول العامة عبر هدير آلته الإعلامية.

على كل وقبل أن يتكلم أي نائب أو يحدد أي تيار سياسي، شروط ومقاييس الوطنية، عليه أن ينبش في ملفاته جيداً، فهي قد تحوي ما يلجم لسانه عن توزيع التهم جزافاً، فجرائم «طعن» الوطن أياً كان نوعها لا تسقط بالتقادم كغيرها، وعلى القوى السياسية والكتل البرلمانية الاستفادة من هذه التجربة «المريرة» عبر العمل على إصدار وسن التشريعات التي تحد من الانزلاق إلى مثل هذه الحالة، فهذا دورها وواجبها إن كانت تؤمن بالخوف على الوحدة الوطنية كممارسة وليس كشعار.

عموماً قضية عبدالصمد ولاري باتت في ملعب قضائنا العادل، وأي حكم يصدر فيها سيكون محل رضا كل الأطراف، من هنا فإنني قد لا أعود للحديث عن هذه الموضوع مجدداً، لكنني في النهاية أجد نفسي أمام تساؤل لابد من طرحه: ترى لو أن أحداً كمسلم البراك أو أحمد السعدون أو محمد الصقر أصدر بياناً كبيان السيد ناصر الخرافي حول حسن نصرالله من حيث التوقيت والمضمون، ما الذي كان سيحدث؟ أترك لكم الإجابة!!

back to top