Ad

لقد أخطأت يادكتور ساجد ويجب أن تتحمل خطأك، نعم أخطأت... لماذا سخّرت قلمك للدفاع عن البدون وحقوقهم؟ لماذا حكّمت عقلك في الكثير من القضايا ولم تحكم المرجعية الدينية التي تفصّل الدين حسب مصالحها؟ وتقول يادكتور في مقالك إن الجماعات السياسية الإسلامية هنا، احترفت اللعب بالبيض والحجر، وأنا أقول إنك أخطأت، فقد باتت تلك الجماعات تعطي دروساً ودورات احترافية في «الطريق الميمون لامتلاك المليون».

في زمن الترويج لثقافة التخوين والاتهام بالعمالة، وتأجير الأقلام، التي تسعى أطراف الفساد إلى نشرها ووصم الجميع بها لغرس مفهوم «الحرمنة» عبر إيهام المتلقي بان كل كاتب «قابض» وكل سياسي «مختلس»، في هذا الزمن «الأغبر».. لم أستغرب تلك الحملة التي شنت على الزميل ساجد العبدلي- وفق ماجاء في مقاله الأحد الماضي- من قبل الجماعات السياسية المتأسلمة، التي رأت فيما يطرحه الزميل خلال مقالاته في «الجريدة» انقلاباً على الدين وخروجاً عن الثوابت، وكأن الزميل قد «ارتد» عن دينه ووجب تنفيذ حكم الردة عليه.

لقد أخطأت يادكتور ساجد ويجب أن تتحمل خطأك، نعم أخطأت... لماذا سخّرت قلمك للدفاع عن البدون وحقوقهم؟ لماذا حكّمت عقلك في الكثير من القضايا ولم تحكم المرجعية الدينية التي تفصّل الدين حسب مصالحها؟ لماذا لم تطعن في ذمم الآخرين؟ لماذا لم تلمز هذا بالكفر أو تغمز ذاك بالفسق والفجور؟ بل لماذا تكتب أصلاً في صحيفة ليبرالية لم توقف لك مقالاً أو تشطب لك كلمة يوماً ما، وأنت الإسلامي الملتحي؟

أتدري مالذي قتلهم يادكتور وجعلهم يفقدون توازنهم، بل ويقلون أدبهم عليك؟ لا تقل لي إنه استشهادك بالنائب جمال الكندري وترؤسه لإحدى الشركات، لا تقل إنها فزعة «لحى وبشوت» لزميلهم الإسلامي، لا .. لا .. فهذه آخر اهتماماتهم... وليس مهماً ياعزيزي أنك خالفت توجه صحيفتك ومالكها النائب الداعم لوزيرة التربية، في وضح النهار وعلى المكشوف وليس في الغرف المغلقة والسراديب المظلمة، وقلت رأيك وقناعتك بصراحة في الاستجواب ونتائجه، ولم يتدخل مقص رقيب «الجريدة» لإجراء عملية تجميلية على مقالك، فهذا ما لا يتوافر لهم في مطبوعاتهم، التي يحكمها «المقص» لا القناعة وحرية الرأي وقبل ذلك وبعده المهنية الصحفية والأخلاقية، أما مخافة الله والكف عن الخوض في أعراض وذمم الناس التي يتشدقون بها، فهي حلال عليهم، حرام وزقوم على غيرهم، حسب ما تقتضيه أوامر ولي نعمتهم أحياناً، أو مرجعيتهم الفكرية في أحيان أخرى.

تقول يادكتور في مقالك إن الجماعات السياسية الإسلامية هنا، احترفت اللعب بالبيض والحجر، وأنا أقول إنك أخطأت، فقد باتت تلك الجماعات تعطي دروساً ودورات احترافية في «الطريق الميمون لامتلاك المليون»... لذلك لاغرابة في أن بعض نواب الدين آخر من يثيرون قضايا الفساد والاختلاسات والمال العام في قاعة عبدالله السالم، لأنهم مشغولون عنها بالبحث عن فتات «فتوى» دينية معلبة، قد تبقيهم في مقاعدهم البرلمانية سنتين أو أكثر، تتضخم فيها الأرصدة وتنتفخ خلالها الجيوب والبطون والكروش، ليرتفع إلى آلاف، عدد أصحاب علي بابا بدلاً من الأربعين إياهم.

على كلٍ... ما زلت، وسأظل «إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً»، عند قناعتي بأن الدين والقبيلة مطية يركبها المتمصلحون لتحقيق الأهداف، شوهت من خلالها روحانية الإسلام، والمفهوم الجميل للقبيلة كنسيج اجتماعي، رغم وجود بعض الاستثناءات، لكنها ضاعت، للأسف، في زحام النماذج النشاز التي، بعد امتطائها لصهوة الدين والقبيلة، استخدمتهما كعباءة ترتديها وترميها حسب المصلحة الشخصية والحزبية، في هذا الزمن الذي لم يعد يعترف بالقناعات والمبادئ والثوابت، بعد أن تحول إلى زمن «الفتاوى» ومنع «الاختلاط».