آخر وطن: الجهراء وعبدالله الفلاح
![مسفر الدوسري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1507745577082709700/1507745592000/1280x960.jpg)
وليس هذا أيضا ما يميز عبدالله، فهو عاشق حدّ الثمالة لكل ما له علاقة بالابداع، ومنحاز له الى درجة التعصب، ولا يهمه أبدا موقفه من شخص هذا المبدع او رأيه الشخصي به، ويتابع ما تخطه أنامل المبدعين، خصوصا شعراء العامية في الخليج. وليس هذا ايضا ما يميز عبدالله، فهو من هواة المشي عكس السير، وتدجين الشلالات، وانتزاع أوراق التوت، وتعرية السماء من ثوبها الأزرق، وحرث الأرض بحثا عن مشروع زهرة، بالإضافة الى... التسكّع في المقاهي! وليس هذا ايضا ما يميز عبدالله، فهو من الأشخاص الذين يتداولون الكلمات البذيئة في حديثة مع الأشخاص المقرّبين منه، فلا تكاد تمر له جملة خالية من شتيمة، او مفردة سيّئة، وفي الوقت ذاته هو من الأشخاص الذين يملكون أجمل وأعذب المفردات في قصيدته، وكأنه يفلتر لغة شعرية وينقيها من خلال حديثه العادي، لكي لا يتبقى في قاموسه - حين يكتب - سوى تلك الكلمات الغنية بإيحاءاتها الشعرية، المحملة بما يشبه الهتان، إلا أنها أكثر خيالا وإبداعا! وليس هذا ما يميز عبدالله، ففكره يحمل وعياً اكبر بكثير من سني عمره، ورؤية متفردة للحياة وتفاصيلها، ودائما له وجهة نظر تستحق الوقوف عندها، ولكن... ليس هذا ايضا ما يميز عبدالله، فهو محب مجنون لمدينة اسمها الجهراء... عاشق لملامحها، شوارعها، ناسها، شعرائها، مدارسها وملاعب كرة القدم فيها، يعتقد انه ليس هناك جهة في الدنيا سوى الشمال، وحين تعطيه خارطة تتضمن بقية الاتجاهات، يرمي بين يديك رواية (موسم الهجرة الى الشمال)، وهو ينظر اليك من أسفل الى اعلى مبتسما ومتحديا! هو مؤمن أن حبات الرمل في الجهراء لا تشبه أي حبات رمل في أي مكان آخر، وأن شمسها لا تشبه أي شمس أخرى، لذا يكتب قصائده دائما، وهو محمّل بهذا العشق الخرافي، مطرزة بكل ما سبق ذكره، وأظن أن هذا ما يميز عبدالله فلاح...!