أزهريون يؤيدون الدكتور فضل ويخشون الظواهري طنطاوي والمُفتي يرفضان التعليق برغم حصول الكتاب على موافقة مجمع البحوث

نشر في 30-11-2007 | 00:00
آخر تحديث 30-11-2007 | 00:00
عندما سألنا شيخ الأزهر عن رأيه في مراجعات الجهاد رفض الإجابة، وذهبنا إلى مُفتي الديار د. علي جمعة نسأله، فلم ينطق سوى بكلمة واحدة: لا تعليق!

الغريب أن هذه المراجعات التي أقدم عليها فقيه «القاعدة» السابق د. سيد إمام (الدكتور فضل)، لم تكن لترى النور إلا بعد دراسة وافية من مشيخة الأزهر في مجمعها للبحوث، والموافقة عليها، ومع ذلك يتجاهلون الأمر وكأن شيئا لم يحدث؟!

وعلى الرغم من علامات الاستفهام التي يمكن أن نضعها على الموقف الأزهري الرسمي، إلا أن الشيخ فرحات السعيد المنجي وكيل وزارة الأزهر الشريف والمشرف العام على البحوث الإسلامية، رحب بمبادرة الجهاد وقال «أؤيد بشدة وثيقة سيد إمام، وأدعو من قلبي إلى أن تقدم جميع التنظيمات الأخرى التي تتبنى العنف منهجا لأن تعلن هي الأخرى تخليها عن العنف كوسيلة تهدم أكثر مما تبني.

ويرى المنجي أن هذه الوثيقة برغم أنها لا تجد إجماعا من كل أعضاء التنظيم، إلا أنها سوف تحدث حالة من الجدل والحوار داخل باقي التنظيمات المسلحة.

وأوضح «المنجي» أن هذه الوثيقة لا تعد تجديدا لمفهوم الجهاد، لأن الجهاد في الاسلام «لم يسقط بالتقادم» كي تجدده وثيقة سيد إمام، لكنه حق مشروع له ضوابط وأسس في ردع المعتدين وإن كانوا منّا، وإنصاف المظلومين وإن كانوا من غيرنا، ولايعني بأي معنى استباحة الدماء والأموال والأعراض.

تقدير المنجي لوثيقة سيد إمام لم يمنعه من إبداء تخوفه من الرافضين لها، ويقول إن أيمن الظواهري الآن هو القائد الفعلي والميداني لهذا التنظيم، وهو المأخوذ برأيه بين غالبية أعضائه، وهو إلى الآن يرفض الوثيقة شكلا وموضوعا، وكان لزاما على سيد إمام إشراك الظواهري في هذا الأمر.

من جهته دعا الدكتور المفكر الإسلامي أحمد كمال أبو المجد نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان،‏ إلى ضرورة تشجيع أسلوب المراجعات الفكرية،‏ الذي اتبعه تنظيم الجهاد‏، ومن قبله الجماعة الإسلامية، للتراجع عن الأفكار السابقة‏.‏ وقال «إن هذه المراجعات حقيقية‏،‏ وتمثل اتجاها إيجابيا‏،‏ الأمر الذي يسمح بتغيير الأسلوب الأمني في التعامل مع هذه القضايا‏، مشيراً إلى أن وزارة الداخلية بدأت في الإفراج عن أعضاء في هذه الجماعات‏،‏ كما أنها تعمل على مساعدتهم في الاندماج بالمجتمع مرة ثانية».

أما عضو مجمع البحوث الإسلامية د. محمد شوقي الفنجري فقال «أفلح إن صدق الشيخ إمام»، وأوضح بأنه كان ينتظر هذه المراجعات منذ سنوات طويلة، مشيرا إلى سابق تجربته الشخصية مع أعضاء هذا التنظيم، فقد قام بزيارة أعضائه في السجن لمحاورتهم حول الأفكار التي يتبنونها، لكن هذه الزيارة باءت بالفشل وقُوبلت بالرفض من قبل جميع أعضاء.

وأضاف الفنجري إنه منذ هذا الوقت وهو ينتظر اليوم الذي سيعود فيه تنظيم الجهاد إلى رشده ويخرج من حالة الغياب الفكري التي كان يمر بها، ويعرب الفنجري عن قلقه حيال جدية هذه الوثيقة، لكنه يفضل تقديم حسن النية، ويصف الفنجري هذه المراجعات بأنها رجوع إلى الحق وإزهاق الباطل، ويذهب إلى القول إن هذه المراجعات ستكون باب النور الذي سيضيء الطريق أمام باقي الجماعات الإسلامية الأخرى، وأن مراجعات سيد إمام ستشجع الكثيرين على مراجعة أفكارهم من جديد والسير نحو طريق الحق، ويشير الفنجري إلى أن تنظيم «القاعدة» لا يحسب على التيارات الاسلامية في مصر، خاصة بعد رفض أيمن الظواهري هذه المراجعات، مما يؤكد بأن «القاعدة» ماض ٍفي تنفيذ منهجه الدموي، وإلا لحاول الظواهري مناقشة هذه المراجعات وهذا أضعف الإيمان، لكن رفض «القاعدة» لهذه الوثيقة شكلاً وموضوعاً وقبل أن يعلن عن محتواها، إن دل على شيء فإنما يدل على التعنت الواضح لتنظيم «القاعدة» حيال أي عمل من شأنه تصحيح صورة الإسلام وإرساء مبادئ الحق.

ويطالب الفنجري العالم الإسلامي بقبول هذه المراجعات والوقوف إلى جانب «التائبون» من تنظيم الجهاد، إعمالاً لقول النبي (صلى الله عليه وسلم): «لا تتركوا صاحبكم للشيطان».

وفي النهاية يتمنى الفنجري لهذه التجربة النجاح وأن تسير باقي الجماعات الإسلامية على نفس النهج.

فيما يرى الأستاذ في جامعة الأزهر ورئيس الجمعية الشرعية في مصر د. محمد المختار المهدي، أن المراجعات الفكرية لتنظيم الجهاد تعد توبة نصوحة على المجتمع قبولها والتعامل معها بجدية، ومبعث ارتياحه يعود لسببين الأول: جدية هذه الوثيقة، والثاني: العمل على تنفيذها من قبل أعضاء التنظيم.

وأكد على أن الفصائل الإسلامية الأخرى لابد أن تسرع خطاها وتسير على نفس النهج الذي سار عليه الجهاد، حتى وإن لم يجمع كله على هذه الوثيقة.

ولم ينسَ زيارة قام بها علماء الازهر في منتصف الثمانينيات لهؤلاء الشباب للتحاور معهم وتصحيح معتقداتهم الخطأ التي أعلنوا تراجعهم عنها الآن، وقال: «فما كان من هؤلاء الشباب إلا أن قاموا بإدارة ظهورهم للعلماء واتهامهم بالتبعية للدولة ووصفوهم بالمنافقين، فكانت هذه صفعة قوية لعلماء الأزهر وتسبب هذا الموقف في شرخ عميق بين الطرفين».

ومع ذلك يقول المهدي: إذا صح قولهم هذه المرة وأكدوا هذا عملياً، فلا يوجد أي مانع من أن تتعاون معهم المؤسسة الدينية، لكن شريطة أن يذهبوا إليها ليعربوا عن حسن نيتهم وصدق أعمالهم.

وحول إن كانت هذه الوثيقة مراجعة لمفهوم الجهاد يقول: «الجهاد له مبرراته وأوقاته ومن يعلن قيامة هو ولي أمر المسلمين، ولا يجوز أن تخرج جماعة وتعلن الجهاد من تلقاء نفسها، لأن الإسلام جاء لتنظيم سلوك الأفراد في المجتمع ولم يأت مبرراً لاستخدام العنف والقتل وإشاعة التوتر على الأرض».

واعتبر الداعية الشيخ يوسف البدري عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية تلك المراجعات عودة متأخرة للصواب، وقال: ذهبت إليهم في المعتقل وقلت لهم: «الذي يفتيك هو الشيطان.. كفروني!»

وأضاف بأن الإسلام لا يعرف الجماعات أو التنظيمات لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «المسلمون تتكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم».

أما اعتراضه على الجماعات والتنظيمات فيفسره بقوله إن ولاء الفرد للجماعة أكبر من ولائه لله. كما يحب الثاني في الجماعة لا في الله، كما ترى الجماعة أن من ليس معهم هو ضدهم.

وقال البدري إن كل تلك الجماعات ترى أنها جماعة المسلمين وكلهم على باطل. وانتهى للقول بأن تلك الحماقات جرّت على الدعوة الاسلامية ملايين النكبات.

back to top