Ad

هناك انعدام وضوح وهناك مخاوف كثيرة... وهناك من يقول إن خطة سورية هي الاستمرار في التلاعب بعامل الوقت وتمديد الوضع القائم حالياً مع بقاء إميل لحود في قصر الرئاسة وفؤاد السنيورة في سرايا رئاسة الوزراء ولنحو ستة أشهر أو أقل أو أكثر، وذلك على أمل ألا تبقى الأكثرية أكثرية، وعلى أمل أن يخرج الجمهوريون من البيت الأبيض، وعلى أمل أن يخلق الله ما لا تعلمون!

لم تبق سوى ثلاثة أيام فقط هي «الجمعة والسبت والأحد» على موعد الثاني عشر من نوفمبر الحالي الذي من المفترض أن يجتمع فيه المجلس النيابي اللبناني ليحل عقدة العقد وينتخب رئيساً للدولة، سواء بالتوافق أو بغير هذا أو بنصاب الثلثين كما يصر حزب الله ومن معه، أو بنصاب

«النصف 1+» كما يريد تحالف «الرابع عشر من آذار» الذي يضم فؤاد السنيورة وحكومته وسعد الحريري ووليد جنبلاط وسمير جعجع وأمين الجميل وبطرس حرب ومن معهم... ولكن ها هو ذا الموعد الاستحقاقي بات يقف على الأبواب من دون أن يكون هناك ما يوحي بأن الدخان الأبيض سينطلق في أي لحظة.

لا شيء يعزز الاعتقاد بأن يوم الاثنين المقبل سيَشْهد انقشاع الغيوم الحالكة السَّواد التي تغطي لبنان والتجمع في سمائه، فالمواقف لاتزال على ما هي عليه، وكل ما قيل عن اتفاق سوري- فرنسي بشأن أن يكون رئيس الجمهورية اللبنانية الجديد «توافقياً» هو مجرد كلام عمومي وعام، وحقيقة أن سورية تريد رأس المحكمة الدولية مقابل تمرير هذا الاستحقاق الذي إن هو لم يمر من الآن حتى الرابع والعشرين من هذا الشهر فإن الكارثة قادمة لا محالة.

في تصريحات أطلقها أخيراً قال بطرس حرب، الذي هو أحد المرشحين الأقوياء عن «تيار الرابع عشر من آذار» حتى الآن لم يظهر أي اتجاه للاتفاق بعد... لكن المساعي لم تتوقف، وحتى الآن لم تتوصل بكركي (البطريركية المارونية) إلى خلاصة عملية يمكن أن تقدم اقتراحات تساهم في حل المعضلة... إن المشكلة في نظري هي بلوغنا الثاني عشر من «نوفمبر» من دون حصول أي اتفاق لا على الشخص ولا على الآلية، وهذا يعني أننا ابتداء من الرابع عشر من هذا الشهر سندخل مرحلة الخطر.

إنه سباق مع الوقت وهناك اتصالات ولقاءات جارية على قدم وساق بين اللبنانيين أنفسهم وكل المهتمين بالشأن اللبناني، ولعل أهم هذه اللقاءات والاتصالات هو القمة الأميركية- الفرنسية التي جمعت جورج بوش ونيكولا ساركوزي في واشنطن والتي سيتضح في وقت متأخر منها ما إذا كانت مجرد حركة من قبيل ما يسمى في علم النفس «وهم الحركة» أم أنها ستحسم كل الأمور المتعلقة بتخوفات اللبنانيين، مما قد يحصل في حال شربت الأكثرية «حليب السباع» واتخذت القرار الذي بقيت مترددة في اتخاذه منذ حلول موعد الاستحقاق الرئاسي ولاتزال مترددة في اتخاذه حتى الآن.

لا يمكن الجـَزْم بأي شيء بينما السباق بين الهدوء والانفجار في هذه اللحظات الأخيرة، يجري على هذا النحو ولعل ما تجدر الإشارة إليه أن القمة بين بوش وساركوزي قد عُقِدت للإجابة عن عدد من الأسئلة التي غدا البحث عن أجوبة لها ضرورة ملحة مع اقتراب نهايات شوط الاستحقاق الرئاسي، ومن بينها: ما الذي يجب عمله إذا لم يتوافر نصاب «النصف+ 1»؟! وكيف يجب التصرف إذا اضطرت الأكثرية إلى انتخاب الرئيس الجديد بالأكثرية المطلقة؟!

هناك انعدام وضوح وهناك مخاوف كثيرة... وهناك من يقول إن خطة سورية، التي لم تحصل بعد على أي إشارات أميركية وفرنسية للقفز على موضوع «المحكمة الدولية» لقاء تساهلها مع الاستحقاق الرئاسي، هي الاستمرار بالتلاعب بعامل الوقت وتمديد الوضع القائم حالياً مع بقاء إميل لحود في قصر الرئاسة في بعبدا وبقاء فؤاد السنيورة في سرايا رئاسة الوزراء ولنحو ستة أشهر أو أقل أو أكثر بعد الرابع والعشرين من هذا الشهر (نوفمبر)، وذلك على أمل ألا تبقى الأكثرية أكثرية، وعلى أمل أن يخرج الجمهوريون من البيت الأبيض كنتيجة للانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة... وعلى أمل أن يخلق الله ما لا تعلمون!

إن هذا هو أحد التصورات التي أسوأها أن يقوم الرئيس لحود بتفسير المادة «62» من الدستور تفسيراً تعسفياً، وأن يحول مضمون هذه المادة التي تقول «في حال أي فراغ يحدث لأي علِّة كانت تتولى الحكومة مسؤولية سلطات الرئيس» لمصلحته، وبالاستناد إلى اعتباراته السابقة بأن هذه الحكومة غير شرعية، فإما أن يبادر إلى تشكيل حكومة جديدة موازية ثانية فتغرق البلاد في الفوضى أو يبقى متمسكاً بكرسي الرئاسة في قصر بعبدا بحجة الخوف من الفراغ.

* كاتب وسياسي أردني