اجتمع المخربون على دستور عبدالله السالم
إذا كان الاستجواب حقا دستوريا ولا يرهب الحكومات، فلماذا إذا ترتعد الحكومات المتعاقبة إذا ما أعلن احد النواب رغبته في استجواب وزير ما؟ ولماذا يعتقد كثيرون أن كثرة الاستجوابات تعطل التنمية؟لم يقصد دستور دولة الكويت، الذي وضعه الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم، عند إقراره حق الاستجواب تعطيل التنمية، ولم يحدد عدد مرات استخدام هذا الحق أثناء انعقاد الحياة النيابية للمجلس كل أربع سنوات، إنما اعتبر الاستجواب أداة رقابية للعضو يستخدمها في سبيل إصلاح الخلل الذي يعتري الجهاز التنفيذي.
ولم يلزم الدستور بالتدرج الذي يطالب فيه البعض، بأن يستخدم النواب حق السؤال بداية، ثم اللجوء إلى حق الاستجواب، بل ترك خيار استعانة العضو بتلك الأدوات متى شاء، وبالتالي فإن لجوء البعض إلى استخدام حق الاستجواب في مسألة ما، لا يعني مخالفة مبدأ التدرج في استخدام الأدوات الرقابية، وكثرة الاستجوابات لا تعني غلو السلطة التشريعية في استخدام صلاحياتها، لأن هذه السلطة وجدت أصلا لتحقق هدفين، هما الرقابة والتشريع، وبالتالي فالسلطة التشريعية تعد شريكا في التنمية إلى جانب السلطة التنفيذية، لكن السؤال المهم: ما مشاريع التنمية التي قدمتها الحكومة إلى المجلس، حتى يمكن الحديث عن أن مجلس الأمة اليوم أصبح معطلا حقيقيا لمشاريع التنمية؟إن ما نشاهده اليوم فيما يقال إنه تعطيل لمشاريع التنمية، هو تسرع بلا شك وليس له مبرر في إقرار 4 تشريعات ضخمة في جلسة واحدة، ونخشى أن تكون كتشريع الزكاة الذي أصدره المجلس في عُجالة من أمره، وتشريع منع عمل النساء بعد الثامنة مساءً، والتشريع المنتهك صراحة لحريات الناس الخاص بضبط المتشبهين جنسيا، الذي أغفل المشرع فيه ضوابط ضبط المتشبهين وتعريف التشبه، بسبب ضغط التيار الديني في المجلس لإصدار هذا التشريع الفضيحة للحريات، والذي سيمكن رجال الضبط اليوم ولمجرد مشاهدتهم شابا شعره طويل، من ضبطه لتشبهه بالنساء!إن إصلاح الجهاز التنفيذي في البلاد يكون بالرقابة والتشريع، ويتعين تحقيق هذه الأهداف في موضعها الذي قصده دستور 1962، وتحقيق هذا القصد شأن كل نائب يمثل الأمة وأقسم على احترام الدستور والقوانين، لا التواطؤ مع تيارات التخريب السياسي، وخلط الأوراق من أجل تحقيق مكاسب خاصة وآنية، وإظهار أن ما يحتويه الدستور من نصوص هو السبب الحقيقي في تراجعنا في كل شيء، لإظهار أن مجلس الأمة هو مجلس تعطيل التنمية لا أكثر ولا أقل.