يااااااه... أخيراً
كانت انتفاضة أبريل 2008 أشبه بانتفاضة يناير 77 مع اختلاف الأسلوب تبعاً للتقنيات الحديثة والتكنولوجيا المتطورة، ففي يناير لم يكن للكمبيوتر والإنترنت أي دور يذكر، بينما اليوم أصبح للإنترنت الدور الأكبر في تحريك الجماهير ومعرفة آرائهم والتعبير عنها من خلال المدونات والآراء التي تناقلتها الشبكة العنكبوتية. «ما تعليقك على أحداث المحلة؟»... «كيف يمكن قراءة ما حدث في السادس والسابع من أبريل؟»... «إلى أي مدى يمكن اعتبار ما حدث تعبيراً عن رأي الجماهير؟»... إلخ. هذه الأسئلة كلها وغيرها دارت على ألسنة مقدمي البرامج وضيوفهم في الفضائيات العربية والمصرية طوال الفترة السابقة وكانت الإجابات كلها، سواء من الضيوف الأكاديميين أو من المثقفين الإعلاميين أو من جانب المواطنين القلائل الذين أبدوا رأيهم، تؤكد مسؤولية الحكومة والحزب الحاكم في ما حدث بمَن فيهم مَن ينتمون- ولو قسرياً بحكم وظيفتهم- إلى الحزب الوطني. الكل أجمع وألقى بالمسؤولية على الحزب والحكومة، وهكذا بدا أخيراً أن هناك مَن فهم أو يحاول أن يفهم بوضوح وصدق رأي الشعب في حكومته وحزبه الحاكم، ولكن السؤال الأهم هو وماذا بعد؟ وماذا بعد أن أدرك الجميع أن الحزب هو المسؤول والحكومة هي المتهم الأول في تلك الأحداث وفي ارتفاع ضغط الجماهير؟ هل سيحدث ما يتمناه الجميع؟ أم أن الأمر سيظل كما هو بلا تغيير أو تبديل وأن ما حدث من اعترافات إنما كان لامتصاص غضب الشارع ليس إلا؟ هل سيتحقق أمل الجماهير أم يظل قادة الحزب الحاكم على غيهم وغبائهم وضلالهم؟ هل سيدركون أن الغضبة الكبرى ستطيح بهم، أم أنهم يحلمون ويعتقدون أنهم خالدون؟ هل فهم هؤلاء أن نهايتهم قد اقتربت وأجلهم قد دنا فيحسنون العمل فيما بقي أم أنهم يتمسكون بسلطان القوة ويبقى الوضع على ما هو عليه ولا عزاء للجماهير؟ لقد كانت انتفاضة أبريل 2008 أشبه بانتفاضة يناير 77 (لمن يريد أن يفهم) مع اختلاف الأسلوب تبعاً للتقنيات الحديثة والتكنولوجيا المتطورة، ففي يناير لم يكن للكمبيوتر والإنترنت أي دور يذكر، بينما اليوم أصبح للإنترنت الدور الأكبر في تحريك الجماهير ومعرفة آرائهم والتعبير عنها من خلال المدونات والآراء التي تناقلتها الشبكة العنكبوتية. وإذا كان الخوف الإنساني غريزة طبيعية تتحكم في سلوكيات بعضهم ودفعت كثيرين إلى عدم الخروج والتصادم مع الشرطة، فهل أدركت الحكومة ذلك؟ أم أنها مازالت مقتنعة برأي رئيس مجلس الشورى الذي تحدث عن القاعدة الجماهيرية السليمة والفئة الضالة المندسة والبلطجية والأوامر الخارجية... إلخ، ذلك الحديث المعاد الذي سئمته الجماهير بأطيافها كافة. فيا سادة إن غضب الشعب إذا حدث لن يرحم أحداً... فاحذروا غضبه وثورته فلن تنفع تبريراتكم الوهمية ولا بياناتكم البلاغية ولا المطرقة الأمنية التي تستترون وراءها لمواجهة الجماهير الغاضبة، ولن يجدي ترديد الأسطوانة المشروخة حول موجة الغلاء العالمي والتنمية التي تتحقق وارتفاع مستوى المعيشة «على الورق» لن يجدي كل ذلك... وإذا كانت الحكومة تؤمن فعلاً بالمثل الصيني القائل: «إذا كان كل ما تملكه مطرقة... فجميع المشاكل رؤوس مسامير»، فيكون السؤال آنذاك: هل يقبل الشعب أن يظل مجرد رؤوس مسامير؟!