Ad

إن حياتنا النيابية بحاجة إلى ترشيد وعقلنة ليس بضربها ولكن بمزيد من التطبيق الديموقراطي وتعزيزه، كما أنها فرصة ليدرك المواطن أين مصلحة الوطن، ويتحرك لمحاسبة النواب الذين أخطؤوا بحقه عندما تقترب ساعة الانتخابات القادمة.

علينا أن نؤكد بداية أن استجواب النواب للوزراء حقّ دستوري لطبيعة العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وأنه لا يعني الإدانة للوزراء بل المتابعة والمراقبة من قبل مجلس الأمة، فقد تترتب على الاستجواب براءة الوزير المعني بالاستجواب بعد سماع رده عليه، أو كشف أخطاء في بعض الوزارات والتنبيه إلى مواجهتها، أو أن الأخطاء كبيرة وخطيرة تترتب عليها استقالة الوزير أو طرح الثقة عنه.

ومصطلح «استجواب» هو طلب الإجابة عن أسئلة موجهة من قبل النائب إلى الوزير، لكن من خلال الممارسة البرلمانية في الكويت أصبحت كلمة استجواب الوزير تستخدم للتهديد وأحياناً للابتزاز، وتكمن وراءها أغراض ودوافع لاعلاقة لها ببنود الاستجواب، وقد تكون دوافع مصلحية، أو سياسية أو اجتماعية.

وقد استشرت ظاهرة استجواب النواب للوزراء في الكويت في السنوات الأخيرة، فهي، بالإضافة إلى أنها حق دستوري، ظاهرة إيجابية في الحياة الديموقراطية، بيد أن اللافت هو أن بعض الاستجوابات لا محل لها من الإعراب، وتستهدف الوزراء المصلحين، ونعتقد أن الكويتيين يدركون أن بعض الوزراء المصلحين قد تم استجوابهم واستقالوا من مناصبهم، ووصل الأمر حد السؤال بأن فساد بعض النواب وأخطاءهم أكثر من تلك التي وصم بها بعض الوزراء، لكن لا أحد يحاسبهم ويستجوبهم غير المواطنين عند الانتخاب كل أربع سنوات، هذا إذا لم يتم حل المجلس والانتخاب قبل مدة البرلمان الدستورية.

والسؤال: هل جميع النواب المستجوبين أياديهم بيضاء وليست لديهم أخطاء كبيرة كتلك التي يوصم الوزراء بها؟ وهل الدوافع إلى الاستجوابات المقدمة وطنية تريد مصلحة الوطن والمواطنين أم بعضها ثأرية ومصلحية تريد كسب مزيد من الأصوات الانتخابية في الانتخابات القادمة؟!

ألم تكن الانتخابات الفرعية التي مارسها عدد من النواب والمرشحين جريمة؟ ألم يكن شراء أصوات الناخبين جريمة؟ ألم يكن السكوت على بعض الأخطاء والتدخل في شؤون السلطة التنفيذية عن طريق الواسطات التي يقوم بها بعض النواب يهدف إلى كسب الأصوات الانتخابية، وليس إلى إزالة مظلمة، بل ضرب مسألة الفصل بين السلطات التي أقرها الدستور؟

إن حياتنا النيابية بحاجة إلى ترشيد وعقلنة ليس بضربها ولكن بمزيد من التطبيق الديموقراطي وتعزيزه، كما أنها فرصة ليدرك المواطن أين مصلحة الوطن، ويتحرك لمحاسبة النواب الذين أخطؤوا بحقه عندما تقترب ساعة الانتخابات القادمة.

المراهنة هنا على وعي المواطن على الرغم من السلبيات الكثيرة للتأثير في ذلك الوعي وربما تزييفه، فليس كل استجواب من النواب للوزراء سليماً وهادفًا، مهما علت الأصوات، ومهما تم تضخيم الأخطاء البسيطة التي هي من طبيعة العمل، والتي لا يخلو منها أي مجال.