هناك مصطلحات تبدو حسنة عند إطلاقها، وهي في حقيقة الأمر إساءة للمتلقي ظناً من بعضهم أنها تتواكب مع التطور العصري. فوزارة التربية أطلقت قبل أيام دورة إجبارية سميت «لمحو أمية الحاسوب» للمعلمين، ولا تعلم وزارة التربية أنها قد أهانت أصحاب التعليم العالي، وهم المعلمون، بهذه الدورة ومسماها، كما تناست الوزارة أنهم جميعاً خريجو جامعات ويتعاملون بشكل أو بآخر مع نظام الحاسوب, من رصد درجات الطلبة وكشوفاتهم والتحضير وغيره.
ومع الأسف لم تراعِ شعور المعلمين ولم تحترم ضغوط المناهج التعليمية الكثيرة والرديئة التي يعانيها المعلم، واليوم الطويل وقوفاً على الأقدام أمام الطلاب لتوصيل الرسالة السامية لكل طالب، فأرادت اضطهاد المعلم وزيادة الأعباء وعدم احترام المعلمين لأدائهم التعليمي في الفترة الصباحية، فأجبرتهم على الحضور المسائي في هذه الدورة ومن دون مقدمات أو تمهيد، أو مراعاة للأمهات المعلمات. وأصدرت الوزارة تهديدات صارمة بالخصم من الراتب إن تغيب أحدهم عن يوم واحد واعتباره غائبا عن الفترة الصباحية أيضاً، وهو ما أربك هؤلاء المعلمين وحياتهم الأسرية، فأصبحوا في دوامة، وأصبح جُل وقتهم يقضونه بين جدران المدرسة وكأنهم بلا أسر ولا حياة اجتماعية يفترض أنهم يعيشونها.أليس هذا ظلماً يا وزارة التربية... تنظيم تلك الدورة بتلك الكيفية؟ ألم يكن مناسباً لو خصصت الوزارة لهم أوقاتاً أفضل كبداية الدراسة أو نهاية الموسم؟ ولو فعلت ذلك لجنبت الوزارة هؤلاء المعلمين كثيراً من الأعباء والضغط النفسي والإرهاق الجسدي، فمهنة التدريس مهنة شاقة وفنية دقيقة ليست كأي مهنة إدارية أخرى يسهل على كثيرين أداؤها.لقد نظّمت الوزارة هذه الدورة من دون الرجوع إلى ديوان الخدمة المدنية... لذا فهي تعتبر مخالفة بشكل صريح لقرارات ديوان الخدمة المدنية الذي لا يسمح لأي وزارة أن تزيد ساعات العمل على الموظفين إلا بأجر إضافي.وللأسف الشديد، لم تراع الوزارة موظفيها حيث إنها لم تعطهم الحق في الاختيار، كما أنها ترفض صرف مكافأة لهم عن الدوام الإضافي. وهنا نرى التناقض جلياً في أن المدربين المشاركين في هذه الدورة يصرف لهم مكافأة، علماً بأنهم معلمون وزملاء لهم... أين العدالة والمساواة بينهما؟ وأين الحرص على المعلم؟ وكيف لهم أن يؤدوا رسالتهم السامية التي تعد أهم من هذه الدورة سيئة الذكر؟... فـ«ليس هكذا تورد الإبل» أيها القياديون.لذلك يرجى من وزارة التربية ومسؤوليها مراجعة القرارات قبل تطبيقها، خصوصاً التي تهم المعلم بالدرجة الأولى... فمهنة التدريس مهنة شاقة وأمانة علمية لجيل المستقبل، تستلزم الاهتمام بها على الوجه الصحيح. ****إن حرية الفكر والتعبير تمنعنا من الوقوع فريسة للنزعات العصبية، وتوثق جذور انتماءاتنا الوطنية والدستورية، وتسهم في معرفة حقيقة الديموقراطية التي بدورها تقود مسيرتنا إلى الأمام صوب التقدم والتطور. فاختلاف الآراء ليس دليلاً على البغض، فحرية التعبير والأخذ بالتعددية الفكرية للتنمية حقوق كفلها لنا الدستور في مادتة ( 36 )، لذلك أعجبني ما قامت به الدكتورة ابتهال الخطيب حين عبّرت عن رأيها السياسي تجاه قرار (الفينوغراديتنا)، ولقد سطرت لنا مثالاً رائعاً في التعبير والوحدة الوطنية، فأشكر الدكتورة ابتهال على هذه المصداقية ونبذ التعصب، وأتمنى لها مزيداً من العطاء المثمر, فالكويت تجمعنا تحت المحبة، مهما اختلفنا في الرأي، لنتكاتف جميعا تحت رأي صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، حفظه الله ورعاه... فنحن عابرون والكويت باقية... وهذا هو المطلوب.
مقالات
نافذة: اضطهاد المعلم
22-02-2008