Ad

لو لم يقر المجلس المنحل سوى قانون الإسكان لكفى بذلك أن يكون أفضل المجالس النيابية إنجازاً... ولا عزاء لمشوهي الحقائق.

أسكن في منطقة «العقيلة»، وهي منطقة جديدة تتسارع فيها وتيرة بناء القسائم السكنية، ويكثر فيها المؤجرون والبائعون والمشترون ، في نهاية الشارع الذي يقع فيه منزلي، يسكن «أبو سالم»، تعرفت عليه قبل سنتين حينما كنت أبحث عن منزل للإيجار، لكنها «ولله الحمد» معرفة ليست دائمة، فلا أكاد التقي به إلا مرة كل ثلاثة أشهر أو أكثر، عندما يحل علي كالقضاء المستعجل في ديوانيتي، أقول «الحمد لله» لأن صاحبنا يشبه التجار اليهود، لديه في قطع المنطقة الأربع، ست قسائم، كل قسيمة عبارة عن سبع أو ثماني شقق على الأقل، يسكن هو وأبناؤه الخمسة وزوجته في إحداها- طبعاً الشقق وليس القسائم- هيئته توحي بأنه لا يملك حتى ملحقاً، وعلاقته بالسكان المؤجرين لديه- كما أبلغني بعضهم- كعلاقة «حماس» بـ«فتح»، لأنه دائم الشجار والخلاف معهم بسبب الفلس والدينار كونه من عبدتهما، فهو لا يعرف من «الله» إلا اسمه، أي بمفهومنا «يا كلها ودمها يقطر»...

يوم الخميس الماضي كان يوماً تعيساً بالنسبة لي، فقد «غثني» أبو سالم بزيارة لم تكن في الحسبان، وبعد أن احتسي ما تيسر له، وما لم يتسر من القهوه والتمر وكل ما طالته يده «الطويلة»، أخذ يكيل السب والشتم لمجلس الأمة المنحل، داعياً الله ألا يعود للانعقاد أبداً، وفي ختام «معلقة» الغضب والتذمر، كانت النهايه هذه الدعوة «حسبي الله عليك يا أحمد السعدون»... ليطمئن أبو عبد العزيز فدعوة صاحبنا لن تطوله، لأنني أشك أنها خرجت من باب الديوانية في الأصل، فهو وأشكاله من أكلة السُحت لا يستجيب الله لهم.

تفاصيل قصة هجوم «أبو سالم» على المجلس وعلى أحمد السعدون، سببها أنه أراد بيع إحدى القسائم كونه يرغب الاستثمار في قطاع آخر غير العقار، ولأنه اشترى القسيمة قبل عام بـ 290 ألف دينار، فانه عندما عرضها للبيع قبل أيام لم يتجاوز سعرها 270 ألفاً، وهذ الفرق «كارثي» بالنسبة له. أدرك أن صاحبنا لا يفقه إلا لغة الفلوس، وعقد الإيجار، وآخر الشهر، لكنه عندما سأل، قيل له، إن قانون منع الشركات من الاستثمار في العقار السكني الذي أقره مجلس الأمة المنحل، كان السبب في هذا الانخفاض، وأن السعدون هو مهندس هذا القانون بصفته رئيساً للجنة الإسكانية، فناله من السخط والغضب جانباً.

على حد علمي، فإن القانون حظر استثمار الشركات فقط في الأراضي السكنية، لكن «أبو سالم»، وأمثاله كثيرون، هم في واقع الأمر شركات وليسوا أشخاصاً، لذا كان من الأفضل للمواطن العادي محدود الدخل، لو أن القانون نص، على سبيل المثال، أن لكل مواطن فقط الحق في امتلاك عقارين سكنيين، منعاً للمضاربة كما تفعل الشركات، ومَن كان لديه سيولة ويريد أن يستثمرها فليتجه للعقار التجاري والاستثماري لا السكني.

عموماً وفي ظل ترويج العامة والدهماء، وبعض الكتاب، لفكرة أن المجلس المنحل كان من أسوأ المجالس في تاريخ الحياة النيابية، فإننا لن نتحدث عن إقرار قانون أملاك الدولة، أو الضريبة، أو المستودعات، وغيرها من القوانين التي أنجزها مجلس 2006، فلو لم يقر في ذلك البرلمان سوى قانون الإسكان لكفى بذلك أن يكون أفضل المجالس النيابية إنجازاً... ولا عزاء لمشوهي الحقائق.

* * *

المنافسة في الدائرة الانتخابية الثانية أشبه بـ«أم المعارك»، والثالثة توشك أن تتحول إلى «علمين» جديدة، ورغم علاقتي الطيبة جداً مع أغلب المرشحين في هاتين الدائرتين، لكنني لا أتخيل المجلس المقبل من دون فيصل المسلم.