برلمان تعدّدي بأكثرية إسلامية وأقلية جمهورية !
ثمة تحول مهم في طريقه إلى التبلور في الساحة الإيرانية، وقد عبرت عنه الانتخابات البرلمانية الأخيرة بصورة أو بأخرى، يفيد بأن العمل السياسي في إيران يتجه شيئاً فشيئاً إلى الاصطفاف بطريقة مختلفة، عنوانها إسلاميون تعدّديون يسعون بكل ما يملكون من قوة ومن «رباط الخيل» وغير «رباط الخيل»، إلى الدفاع عن المشروع الإيراني الكبير.
كما كنا قد توقعنا، فإن البرلمان الايراني الجديد لن يكون «محافظا» خالصا، كما كان يتمنى بعضهم ويرغب، من المتطرفين الاستئصاليين في هذا المعسكر التقليدي الآيل الى التنوع!وهو لن يكون مكتسحا من «الاصلاحيين»، كما كان يتمنى ويرغب بعض متطرفي هذا المعسكر، الذين ظلوا على الهامش دوماً وفي عزلة عن الكتل الجماهيرية الكبرى، نتيجة مجانبتهم الاعتدال!سيكون بلاشك وتردد برلمانا تعدديا يتجه نحو بلورة مناسبة للعقل الجمعي الايراني، بما يناسب حاجات المرحلة الراهنة وتحديات المشروع الايراني الكبير!مخطئ تماما من يظن ان ثنائية اليسار واليمين او الاصلاح والمحافظة، لاتزال تصلح لتقسيم البرلمان، فضلا عن تقسيم خريطة الطبقة السياسية الايرانية الحاكمة!ثمة تحول مهم في طريقه الى التبلور في الساحة الايرانية، وقد عبرت عنه الانتخابات البرلمانية الاخيرة بصورة او باخرى، يفيد بان العمل السياسي في ايران يتجه شيئا فشيئا الى الاصطفاف بطريقة مختلفة، قد يكون عنوانها هو الآتي: اسلاميون تعدديون يسعون بكل ما يملكون من قوة ومن «رباط الخيل» وغير «رباط الخيل»، للدفاع عن المشروع الايراني الكبير، الذي لا يكتفي بالدفاع عن نظام الجمهورية الاسلامية في ايران فحسب، بل التصدي لمهمة اسقاط مشروع الهيمنة الاميركية - الاسرائيلية على الاقليم، فضلا عن اعتقادهم بان الدفاع عن النظام لا يمكن ان ينجز الا بالتلاحم مع قضايا المنطقة في العالمين العربي والاسلامي، من غزة مرورا ببغداد وكابول وانتهاء بقلعة المقاومة في بيروت!وجمهوريون احاديون ذوو بعد اسلاموي يسعون الى التنظير، بان العالم يتغير بسرعة نحو العولمة، مما لا يدع مجالا كبيرا للمناورة امام الاسلاميين لتحقيق اهدافهم الكبرى، وبالتالي لم يبق امامهم من اجل البقاء سوى الدفاع عن «الجمهورية» بحدودها الايرانية القومية، قبل ان تتمكن العزلة الدولية من الاطاحة بهذا الحد الادنى من الانجاز الايراني الحديث!ويبقى الشارع الايراني منقسما في تقييمه لهذه النخب الحاكمة او المعتاشة على انجازات الحكم والسلطة والدولة، لكن حسه الجمعي وروحه الجمعية تقول له ان اليسار واليمين «مضلة»، كما يقول الحديث، وان الطريق الوسط هو «الجادة»، وهو ما يعني في احدى صوره بان الاعتدال نحو الداخل والحزم نحو الخارج هو الطريق الصواب! والى ان يتبلور هذا الحس الجماهيري بشكل كامل، ويتحول الى تيار جارف، سيظل زمام المبادرة بيد اولئك الاقوياء من وجهاء القوم من تحالف علماء الدين والبازار والنخبة المثقفة، الذين يعتقدون ان الطريق للوصول الى «الجادة»، يكمن في هزيمة المشروع الاستعماري الصهيوني في المنطقة اولا، حتى تتوافر الاجواء والفضاءات اللازمة لنشر الوسطية، بعيدا عن استغلال الخارج وتوظيفها في خدمة مشاريعه الاجنبية!واصحاب هذا الرأي اليوم هم الاسلاميون، ممن يشكلون ذلك الخليط من المحافظين والاصلاحيين القدامى، الذين يمسكون بتلابيب السلطة والمجتمع الاهلي على حد سواء، فيما لا يعدو الجمهوريون عن كونهم الاقلية المبعثرة، لكنهم الاحاديو النظرة الذين لا يرون من الدنيا ولا يسمعون الا مظاهر استعراض القوة الاميركية، بسطوتها الدعائية المعروفة وطبول حربها النفسية المتعددة الاشكال، لذلك غالبا ما يوصفون بـ «المرعوبين» من قبل منافسيهم ومخاصميهم من الاسلاميين، الذين يعتقدون ان الغلبة وتحسين شروط المعادلة آتيان لا محالة، وما النصر الا صبر ساعة!* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي - الإيراني