ماذا يريدون من وزير الداخلية؟!
إن هذه الجرأة في مقاومة تطبيق القانون والتعدي على رجال الأمن، مؤشر خطير لحدوث ما هو أكبر إن تم السكوت عن هذا الأمر، وعدم محاسبة ومعاقبة من قام بمثل هذا الفعل أشد العقاب، فالانفلات الأمني وسقوط هيبة القانون بداية لدولة الفوضى، حيث اللا نظام واللا قانون هو السائد.
لم أعد أفهم حقيقة ماذا يريد بعض الكتاب من وزير الداخلية، فهم يطالبونه بتطبيق القانون، ومواجهة منظمي الفرعيات وعدم التراخي في مثل هذا الأمر، لكن بعد أن يقوم الوزير بأداء المطلوب منه وتتحرك قواته لأداء واجباتها، وتتعرض في سبيل ذلك للإهانات والضرب والرشق بالحجارة، ممن أعمت العصبية القبلية عيونهم، وعشعش العناد في خلايا أدمغتهم، وما عادوا يميزون بين الصواب والخطأ، وبين تطبيق القانون وانتهاكه، يأتي الإخوة الكُتّاب بعد ذلك ليلوموا وزير الداخلية ورجاله على الأسلوب «القاسي» الذي تعاملوا به مع منظمي الفرعيات «المساكين الأبرياء» والذين لم يصنعوا شيئاً سوى انتهاك القانون نهاراً جهاراً عامدين متعمدين ومع سبق الإصرار والترصد!يقول الزميل الدكتور ساجد العبدلي: «نعم لتطبيق القوانين، ولكن غاية كل قانون وفلسفته ومدار حكمته ليس إنزال العقوبة وسحق المخالفين، إنما الإصلاح والتهذيب وإعادة الناس إلى الجادة ضمانا لاستقرار المجتمع وهدوئه، وما يحصل اليوم بعيد كل البعد عن هذه الفلسفة وخال تماما من «الحكمة» ولن يؤدي إلا إلى المزيد من الأزمات، وإلى المزيد من ترنح هيبة النظام»!اعذرني، لم أفهم شيئا يا سيدي! كيف سيتم تطبيق القانون بـ«الحكمة» يا ترى؟! هل سيذهب رجل الأمن وبيده وردة حمراء يقدمها لمنظم الفرعية، ثم يحتضنه والعَبْرَة تخنقه قائلا: «خدني لحنانك خدني»، ثم يقبّل رأسه ويديه وقدميه، ويرجوه رجاء حاراً وهو يقول: «لو سمحت... الله يخليك... تكفى... لا تنظم الفرعية»! بالله عليك ما الخطأ الذي قام به أي رجل من رجال الأمن؟! لقد تحدثوا مع منظمي الفرعيات بكل ذوق وأدب، وطلبوا منهم فض الجمع، والتوقف عن تنظيم الفرعية، فماذا كانت النتيجة؟! شتائم وحجارة تُقذف عليهم من كل حدب وصوب كأنهم قوات الاحتلال الإسرائيلي، بل لقد تم توجيه «الكلاشات» إلى رؤوسهم في بعض الفرعيات.ثم يأتي الزميل سعد العجمي ليحتج بوابل من «أين» قائلا: «أين تطبيق قوانين الرياضة؟ وأين قانون أملاك الدولة والتجاوزات عليها؟ وأين قانون هيئة سوق المال؟ وأين قانون منع الاحتكار؟ وأين وأين وأين؟»! تساؤلات مشروعة وفي محلها يا سيدي، لكن، لماذا يجب أن تنفذ كل القوانين دفعة واحدة وفي نفس الوقت؟ ولماذا نرفض تنفيذ قانون ما فقط لأن باقي القوانين لم تنفذ؟ وما دمنا نلوم وننتقد و«نكسر مجاديف» وزير ينفذ القوانين التي تتبع وزارته، فكيف سينفذ باقي الوزراء القوانين التابعة لهم؟ أليس الأجدى أن نشد على يد وزير الداخلية لأنه يؤدي واجبه وينفذ القوانين التي تخصه، ومن ثم نطالب باقي الوزراء بالاقتداء به والسير على نهجه، بدلا من مجاملة القبائل «الثائرة» على تنفيذ قانون صادر من مجلس الأمة ولوم الوزير، لنوجه الكلام والملام لمن استباح -وبكل بساطة- ضرب رجال الأمن أثناء تأديتهم واجباتهم، وهم جميعا أبناء وإخوان لنا يعملون من أجل أمننا وأماننا.إن هذه الجرأة الأخيرة في مقاومة تطبيق القانون والتعدي على رجال الأمن، مؤشر خطير لحدوث ما هو أكبر إن تم السكوت عن هذا الأمر، وعدم محاسبة ومعاقبة من قام بمثل هذا الفعل أشد العقاب، فالانفلات الأمني وسقوط هيبة القانون بداية لدولة الفوضى، حيث اللا نظام واللا قانون هو السائد، وحيث يفعل كل إمرئ ما يحلو له، فتكون نهاية الوطن - لا سمح الله - بأيدي أبنائه لا بأيدي الآخرين!نقول لوزير الداخلية: استمر فيما تقوم به من واجب، فكل من يفكر بالمصلحة العامة قبل الخاصة معك، ولا تخشى من بعض الشدة في تنفيذ القانون، فقانون بلا أنياب ومخالب، كان دائما قانوناً «يبصق» عليه الجميع!