من الأفلام التي تستحق المشاهدة والتأمل في السينما المصرية لعام 2008، الفيلم الروائي الطويل الأول للمخرج هشام شافعي «احنا اتقابلنا قبل كده»، قصة وسيناريو وحوار نادين شمس، ديكور صلاح مرعي، تصوير طارق التلمساني وكلاهما من أعلام السينما المصرية والعربية كل في مجاله، إلى جانب منى ربيع في المونتاج وتامر كروان في الموسيقى التصويرية، بالإضافة إلى الآداء المتميز للممثلتين نيللي كريم وكارولين خليل، المقتدر حسن حسني، الممثل الواعد آسر ياسين في أبرز دور له في السينما حتى الآن، وكان لفت الأنظار في رمضان الماضي في أداء دور محوري في مسلسل «عمارة يعقوبيان».

Ad

يتمحور الموضوع حول العلاقة بين الرجل والمرأة، الحب والزواج، الغرام والانفصال، الخيانة والإخلاص... وهو ليس جديداً، لكن المعالجة حوت ملامح من الجدة والحداثة وأحياناً الغرابة.

تُفاجأ سارة (نيللي كريم) في بداية الفيلم بخيانة زوجها لها في شقتهما ولم يكن مرّ على زواجهما زمن طويل، وما يضاعف من صدمتها هو براءتها وتصوُّرها المسبق عن الزواج والحب وإيمانها بأنها ما دامت تزوجت، تتويجاً لحب جميل، فإن الخيانة لن تحدث ابداً.

تضطرب سارة كثيراً وتطرح أسئلة خطيرة في مقدمها، لو خانت بدورها هل سترد الاعتبار إلى نفسها وتنتقم لذاتها؟ لكنها لا تلبث أن تدرك أن هذا الأمر يشكل الأذى لها قبل أي شخص آخر. كذلك ترفض اعتذار زوجها وطلبه الملح استئناف حياتهما واعتبار ما تم نزوة أو لحظة يمر بها أزواج كثر ولا ينبغي لها أن تحطم كلياً مشروع حياتهما المشترك.

غير أن سارة تتعرف في رحلتها على كهل وعلى شاب، الأول عبد اللطيف صاحب متجر للأزياء ومصمم فني (حسن حسني) يعيش على ذكرى حب عميق جمعه مع زوجته التي ماتت منذ اعوام، فيشعر بانجذاب تجاهها وفي الوقت نفسه بمشاعر أبوية يخفف عبرها من وحدته. بدورها تتنازعها تلك المشاعر وتتجاذبها أسئلة عدة من بينها: هل هو رجل جديد في حياتها أم أب يعوّضها الحرمان من الأبوة والأمان اللذين تفتقدهما ؟ ومع دخول الفيلم في أحداثه الأخيرة يميل الميزان إلى الأمر الثاني.

أما الشاب فهو عازف الساكسفون هشام (آسر ياسين)، تبدأ سارة بالتفكير به كارتباط وجداني وحياتي جديد، بعد الزلزال الذي عاشته بسبب الخيانة، فيميل بدوره نحوها على الرغم من ارتباطه الواضح بمشروع زواج مع زميلته (راندا البحيري) في فرقته الموسيقية، لكنهما سرعان ما يدركان أن طريقهما ليس واحداً.

تكمن المفاجأة الحقيقية في الفيلم في رسم شخصية صديقة سارة داليا (كارولين خليل)، التي تعيش مع حبيبها الطيار حياة زوجية من دون عقد زواج، وهو ما اتفقا عليه منذ بداية علاقتهما ، لكن تبدأ المشكلة مع بداية الفيلم ولا تنتهي مع نهايته، اذ يعيد هو التفكير ويفضل صيغة الزواج ، بينما تصر هي على ما اتفقا عليه، وهو أن الزواج وشكله التقليدي ومشاكله السخيفة المعروفة كلها عناصر يمكن أن تدمر الحب والروح العذبة التي يعيشانها بحرية.

تلك هي المشكلة، رأي حار وصادم ضد مؤسسة الزواج، يتأكد عبر الفيلم كله وبإصرار، وهو جديد ويثير الجدل والتأمّل. أما شخصية داليا فهي الأولى من نوعها في السينما المصرية.