إن هذا المؤتمر لن يكون أكثر من مجرد تظاهرة عابرة ليس لها أي تأثير فعلي لا على مؤتمر أنابوليس، ولا على عملية السلام ولا على منظمة التحرير، فهذا التكتل (فسطاط الممانعة) لن يستطيع أن يفعل في مجال القضية الفلسطينية أكثر مما فعلته جبهة الرفض التي فشلت فشلاً ذريعاً في اعتراض طريق العملية السلمية.لاعتراض مؤتمر «أنابوليس»، الذي دعا إليه الرئيس الأميركي جورج بوش كخطوة لحل القضية الفلسطينية، هناك الآن استعدادات وتحضيرات متواصلة لعقد مؤتمر مضاد سيضم قوى «الرفض الفلسطيني»، وعلى رأسها حركة حماس بالطبع، وسيكون برعاية مالية وسياسية من قبل إيران وسورية، وهو حسب ما قيل سينعقد خلال أيام في منتجع لاتحاد العمال السوري يقع في إحدى ضواحي العاصمة السورية.
هذا المؤتمر حسب ما هو مقرر سينعقد في السابع من نوفمبر المقبل وسيحضره بصفة رسمية نائب رئيس جمهورية إيران الإسلامية وسيفتتحه أحد كبار المسؤولين السوريين، وباستثناء «حماس» فإن كل الفصائل الفلسطينية التي ستشارك فيه تعتبر إما تنظيمات شكلية لا وجود لها في الداخل الفلسطيني، لا في الضفة الغـربية ولا في غزة، وإما تنظيمات وهمية مثل منظمة الصاعقة التي تسمي نفسها طلائع حرب التحرير الشعبية، ومثل بعض انشقاقات حركة فتح وجبهة التحرير الفلسطينية التي كان يقودها «أبو العباس» الذي توفي في بغداد بعد سقوط النظام العراقي السابق في أبريل عام 2003.
أما بالنسبة الى الجبهة الشعبية، التي أعلن أحد قادتها المقيمين في دمشق أنها ستحضر هذا المؤتمر، فإن هناك معلومات مؤكدة تتحدث عن أن هذه الجبهة أصبحت منقسمة على نفسها بالنسبة الى هذا الأمر، وأن قادة الداخل بمن فيهم الأمين العام أحمد سعدات المعتقل منذ أكثر من خمسة أعوام في السجون الإسرائيلية ضد المشاركة فيه، ولو من أجل عقلنته وتخفيف حدة القرارات التي سيتخذها ضد منظمة التحرير الفلسطينية.
والمؤكد أن حركة فتح، الأم، لن تشارك في هذا المؤتمر الذي تعتبره يستهدفها ويستهدف العملية السلمية ومؤتمر «أنابوليس» ويستهدف منظمة التحرير كـ«ناطق شرعي ووحيد باسم الشعب الفلسطيني»، حتى أن بعض قادتها المعارضين لاتفاقيات أوسلو ومسيرة السلام، ومن بينهم فاروق القدومي «أبواللطف» المقيم مثله مثل بعض زملائه في تونس، لن يشاركوا بدورهم في مؤتمر يشعرون بأنه يستهدفهم ويستهدف حركتهم حركة التحرير الوطني التي كانت السباقة لإطلاق أول رصاصة لبدء الثورة الفلسطينية المعاصرة.
فهل سينجح هذا المؤتمر الذي لم تبق سوى اللمسات الأخيرة لعقده في موعده المقرر في السابع من نوفمبر المقبل؟!
لهذا المؤتمر هدفان رئيسان هما:
الأول: إعطاء شرعية للانقلاب الذي قامت به حركة حماس على «فتح» وعلى منظمة التحرير والسلطة الوطنية في منتصف يونيو الماضي، وإظهار أنه لا يحق للمنظمة أن تفاوض باسم الفلسطينيين، وأن تحضر مؤتمر «أنابوليس» على هذا الأساس مادام أنها لم تعد تمثل الشعب الفلسطيني، ومادام أن انعقاد هذا المؤتمر، أي مؤتمر دمشق، قد أوجد كتلة مناوئة تنضوي في إطارها العديد من الفصائل الفلسطينية حتى إن كانت في معظمها وهمية وشكلية.
الثاني: إعلان ولادة جديدة لتحالف «فسطاط الممانعة» الذي كانت طهران قد أعلنته في وقت سابق، وأيدتها دمشق ومعها حركة حماس و«حزب الله»، والهدف هو التشويش على مؤتمر «أنابوليس» واعتراض طريقه، وعلى غرار ما كانت فعلته إيران عندما دعت إلى مؤتمر مماثل في عام 1991 للتشويش على مؤتمر مدريد الشهير الذي كان بداية عملية السلام المتواصلة والمستمرة حتى الآن رغم بعض الانتكاسات والعثرات التي أصابتها على مسار القضية الفلسطينية.
وهنا وإجابة عن هذا السؤال الآنف الذكر فإنه يمكن القول إن هذا المؤتمر لن يكون أكثر من مجرد تظاهرة عابرة ليس لها أي تأثير فعلي لا على مؤتمر «أنابوليس» الذي دعا إليه جورج بوش، ولا على عملية السلام، ولا على منظمة التحرير، فهذا التكتل (فسطاط الممانعة) لن يستطيع أن يفعل في مجال القضية الفلسطينية أكثر مما فعلته جبهة الرفض الشهيرة التي انطلقت في نهايات سبعينيات القرن الماضي بدعم من نظام صدام حسين، ومن الجماهيرية الليبية أيضاً ضد توجهات منظمة التحرير وحركة فتح التي فشلت فشلاً ذريعاً في ما أقيمت من أجله، وهو اعتراض طريق العملية السلمية.
* كاتب وسياسي أردني