هل الحيوانات أكثر حكمة؟!
المراقب لأحوال الدنيا في الداخل أو في الخارج وكيفية تعامل البشر مع نظرائهم من البشر الآخرين والنظرة الدونية والعنصرية والتعصب والكراهية من دون مبرر مقنع غير الهيمنة والتسلط والاستحواذ سيجد أنه ربما هناك وزن لمقولة إن الحيوانات أكثر حكمة.
تحل اليوم علينا سنة جديدة، عام جديد بكل ما نتوقعه وما لا نتوقعه. تمر الأعوام تلو الأعوام وتظل الصورة الأكيدة متمثلة في استمرار البشر في تدمير أنفسهم، وقتل محيطهم، وتلويث بيئتهم دونما نهاية لهذا الفعل الذي يكاد يكون مكرراً.وقد لفت انتباهي مؤخراً حوار جري على لسان شخصيتين في فيلم إسباني شهير إحداهما امرأة استقر في وجدانها سلام داخلي ورجل أعمال طموح يعمل ليل نهار لزيادة أمواله وثروته. وعندما اكتشف رجل الأعمال أن المرأة نباتية، أي لا تأكل اللحم، سألها.. لماذا أنت نباتية؟ فأجابت: لأني أشعر بأن الحيوانات لا يستحقون الإيذاء فهم أكثر حكمة من البشر. وهنا رد رجل الأعمال: كيف؟ فقالت لأن الحيوانات تحافظ على محيطها ولا تسعى سعياً وعن قصد لتدمير بيئتها، فهي لا تسبح في الماء إن لم تكن سمكاً كما أنها لا تطير إن لم تكن طيراً. وهنا استغرب رجل الأعمال ليتساءل، ولكن ما رأيك بأن الإنسان قد صنع الغواصات فتمكن من السباحة، كما صنع الطائرة فتمكن من الطيران، وهو ليس بطائر، أليس ذلك من الحكمة؟ فقالت: إن ذلك ناتج عن الذكاء وليس عن الحكمة.. وشتان بين أن تكون ذكياً وأن تكون حكيماً. فالذكاء يصنع أسلحة الدمار الشامل التي يقتل البشر ويفتك بعضهم بعضا.لا أعرف حقا إن كانت الحيوانات أكثر حكمة من البشر، ولكنها بالتأكيد رؤية بحاجة إلى مزيد من التفكير. فالمراقب لأحوال الدنيا في الداخل أو في الخارج وكيفية تعامل البشر مع نظرائهم من البشر الآخرين والنظرة الدونية والعنصرية والتعصب والكراهية من دون مبرر مقنع غير الهيمنة والتسلط والاستحواذ يجد أنه ربما هناك وزن لمقولة كهذه.ولينظر كل منا إلى حجم الانفاق الذي ينفقه العالم على التسليح والعسكرة في مقابل ما ينفقه العالم على التنمية وإسعاد البشر، لنعرف حينها أنه لن تتحقق لنا الكثير من الأماني والآمال في سلام دائم، أما إذا كان ذلك الأمر لن يتحقق فلنسعى، على الأقل، إلى الظفر بسلام داخلي. وليكن «القلب بعيداً بين عذوق النخل ... فمن يصل القلب هناك».عسى أن تأتينا سنة جديدة باحترام أكثر لكرامة الإنسان، وسلام أكثر، وقلوب مليئة بالحب بدلاً من الكراهية.