Ad

برغم التشوهات الكبيرة في الاقتصاد الكويتي، والبطالة التي تعتبر من المشاكل المرافقة للاختلالات الهيكلية في اقتصاد السوق، فإن المستغرب أن الحكومة لا تعترف بذلك، حيث ذكر بيانها الذي تلته أثناء الجلسة أن البطالة في الكويت «ليست ناجمة عن أسباب اقتصادية»!

خرجت جلسة مجلس الأمة التي عقدت في الأسبوع الماضي وخصصت لمناقشة سياسة التوظيف الحكومية لكيفية مواجهة مشكلة البطالة بتوصيات عدة عامة ومكررة ، بل إن بعضها يحمل الكثير من الغموض مثل: تطوير اتجاهات المجتمع الكويتي نحو تعظيم قيمة العمل وتغيير الأفكار الخاطئة عن العمل الحرفي واليدوي!! وبعضها الآخر يدعو إلى حل المشكلة بشكل وهمي من خلال: الدفع باتجاه منح إجازة تفرغ أسرة للكويتيات الراغبات بالتفرغ للأسرة ومنحها ثلاثة أرباع الراتب وذلك لإتاحة فرصة للباحثين عن عمل وتوفير أموال للدولة وخدمة للأسرة الكويتية!!

أما الحكومة... فبرغم التشوهات الكبيرة في الاقتصاد الكويتي، والبطالة التي تعتبر من المشاكل المرافقة للاختلالات الهيكلية في اقتصاد السوق، ويأتي تصحيح المسار الاقتصادي كخطوة أولى لحلها، فإن المستغرب أن الحكومة لا تعترف بذلك، حيث ذكر بيانها الذي تلته أثناء الجلسة أن البطالة في الكويت «ليست ناجمة عن أسباب اقتصادية»!

مع أنها، أي الحكومة، تطالب في مقترحاتها بـ«اتخاذ جميع الوسائل والتدابير للتنسيق الكامل بين احتياجات سوق العمل والمخرجات التعليمية وتفعيل هذا العامل باعتباره السبب الرئيسي فيما يواجهه سوق العمل من اختلالات، تعد المنفذ الرئيسي للعمالة الوافدة وتزايدها»!! وأيضا تقترح الحكومة «تشجيع الاستثمار المحلي في المشروعات ذات القيمة المضافة المعتمدة على التكنولوجيا وليس العمالة الكثيفة» وتطالب بـ«تشجيع الاستثمار الحكومي الخاص خارج الكويت، وخاصة المعتمد على عمالة كثيفة في الدول المصدرة لعمالتها للكويت»!!

إذن الحكومة ترى أن هنالك حاجة إلى مزيد من الاستثمارات المحلية والخارجية، وترجع السبب الرئيسي للبطالة وما يواجهه سوق العمل من اختلالات إلى عدم وجود تنسيق بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، وتقترح تشجيع المشروعات الصغيرة، ومع ذلك فإنها، أي الحكومة، ترى أن البطالة في الكويت ليست ناجمة عن أسباب اقتصادية!!

وهذا ما جعلها تقترح زيادة البرامج التدريبية والتأهيل المهني وليس معالجة الاختلالات الهيكلية التي يعانيها اقتصادنا الوطني. ويوافقها المجلس، من جانبه، على ذلك من خلال التوصية بتكثيف وزيادة فاعلية دور الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب التي يزداد عدد طلبتها سنوياً بشكل مخيف بالرغم من عدم وجود تنسيق بين احتياجات سوق العمل والمخرجات التعليمية كما تعترف الحكومة!! مما سيزيد من نسبة العاطلين عن العمل ولن تفيد الدورات التدريبية والتأهيل المهني الذين ترى الحكومة والمجلس ضرورة تكثيفهما لحل مشكلة البطالة.

هنالك أيضا الخلل الواضح في التركيبة السكانية لصالح غير الكويتيين الذي لم تتطرق له الحكومة، حيث من المتوقع إذا ما استمرت السياسات الحكومية الحالية، أن تقل نسبة المواطنين خلال العشرين سنة المقبلة لتصل إلى حدود %15 من إجمالي عدد السكان (الآن في حدود %32)، مما سينعكس على نسبة قوة العمل الوطنية التي من المتوقع أن تنخفض إلى نسبة %18 من اجمالي قوة العمل (الآن في حدود %25).

ومما سيزيد الأمر تعقيداً أيضاً، خصوصا مع غياب التنسيق، هو أن فئة الشباب تمثل النسبة الغالبة من إجمالي عدد المواطنين، وهنالك 340 ألف مواطن يتلقون تعليمهم حالياً ومن المتوقع أن يكونوا جاهزين للبحث عن وظائف في القريب العاجل.

والخوف، كل الخوف، أنه في ظل استمرار الاختلالات والتشوهات الهيكلية التي يعانيه الاقتصاد الكويتي، وفي ظل السياسات الحكومية الحالية، ومنها بالطبع سياسة التوظيف، والتوصيات العامة الفضفاضة لمجلس الأمة وما يتخذه من قرارات انتخابية وقتية غير مدروسة يترتب عليها تبعات مالية ضخمة يلزم بها الحكومة، سيكون من الصعب أن يجد أغلب هؤلاء الشباب فرص عمل مناسبة مما يجعله ينضم قسراً إلى صفوف العاطلين عن العمل.