نهاية عهد حضارة الورق: أي مستقبل للصحافة المطبوعة؟
في خضم منافسة هي الأشرس، تتعرض الصحافة المكتوبة لمنافسة شديدة، ولاسيما مع بزوغ نجم الصحافة الإلكترونية. ومع ذلك فإن حظوط الصحف المكتوبة ما زالت وفيرة، بإقرار ثقات العلماء والخبراء.صحيفة مطبوعة جديدة تصدر... باب آخر يُفتح على الأمل. فلا تزال الصحيفة المطبوعة، على الرغم من تعاظم الضغوط، وتبدل الأحوال، الثبت المدون ذا الرسوخ والاستدامة في واقعنا الاجتماعي.
لكن العلماء الثقات يقولون بقرب «نهاية عهد حضارة الورق»، تحت وطأة التطور المذهل في عوالم الوسائط المتعددة والتكنولوجيا الرقمية.وهم يتحدثون عن الـ Media Convergence، وهو مصطلح لا أعرف له ترجمة عربية دقيقة حتى الآن، غير أنه يقترب من معنى «التلاحم الإعلامي».يعزز هؤلاء العلماء توقعاتهم بظواهر اختفاء عدد من الصحف المطبوعة في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية، والتراجع النسبي في توزيع بعض الصحف، في مقابل النمو المتسارع في جمهور الصحافة الإلكترونية وحصصها الإعلانية.في خضم هذه التحولات، وفي مجتمعات أكثر من نصف عدد سكانها من الشباب تحت الخامسة والعشرين، وفي ظل صحافة إلكترونية زاد جمهورها بنسبة 200% في السنوات 2000- 2005، من يمتلك الجسارة، ليصدر صحيفة يومية مطبوعة جديدة؟كثيرون يجب أن يتحلوا بتلك الجسارة، لأن مؤشرات عديدة تجعل من قرار إصدار مطبوعة جديدة قراراً تحالفه فرص النجاح والحظوظ. ويبدو أن الأسبوعية الأشهر «نيوزويك» سمعت كل ما سبق، فقررت أن ترد بطريقتها الخاصة. لقد صدرت «نيوزويك» في أحد أسابيع العام الجاري بغلاف لعدد قالت إنه سيصدر بعد 100 سنة من الآن، مؤكدة أن «المطبوعة التي ظهرت قبل 250 عاماً قادرة على البقاء 250 عاماً أخرى».هل كان ما فعلته «نيوزويك» رد فعل عصبيا لوسيلة تعرف أن الأفق مسدود أمامها، أم أنه وليد ثقة قائمة على إدراك مُبصر لوقائع الأمور؟الواقع أن الأرقام كلها تبارك لكل مطبوع جديد، وتعده ببشائر وورود، إن هو أدرك اعتبارات الحالة الراهنة، وتفهم استحقاقات إطار المنافسة الإعلامية المتغير. فـ «الرابطة العالمية للصحف» تؤكد أن الصحف اليومية لا تزال تمثل «صناعة مهمة رائجة»، بحجم أعمال يزيد عن 180 مليار دولار في العام، وأن عائداتها من الإعلان تزيد عن عائدات الإذاعات ودور السينما والإنترنت والمجلات مجتمعة.كما أن «تقرير نظرة على الإعلام العربي»، يشير إلى أن المعدلات الإجمالية المتوقعة للنمو السنوي في عائدات الإعلان في ست دول عربية رائدة (منها الكويت)، في الأعوام 2006- 2011، تراوح ما بين 7.4% إلى 13.8%، وأن الصحافة المطبوعة ستحظى بنصيب الأسد من هذه العائدات.ويؤكد التقرير أن سوق توزيع الصحف يشهد نمواً قويا بالمقارنة مع وسائل الإعلام الأخرى، ليس فقط بسبب عدم نضوج أسواقنا العربية مقارنة بالأسواق الغربية المتقدمة، التي أنعش تطورها التقني الإقبال على وسائل الإعلام الإلكترونية فيها، ولكن أيضاً لأن التدفقات المالية الكبيرة، والنمو القوي لإجمالي الناتج المحلي، وارتفاع معدلات محو الأمية، إضافة إلى تحسن المنتج الصحافي نفسه، كلها عوامل ستؤدي إلى توسيع فرص التوزيع والإعلان في الإعلام المطبوع.وفي دراسة أجريت في 110 دول في العالم، خلص «الاتحاد العالمي للصحف» إلى أن «جمهور الصحف المطبوعة مستمر في النمو والاتساع»، وفي الوقت الذي زاد فيه عدد نسخ الصحف المباعة بنسبة 6% على مدى الأعوام 2000- 2005، كانت الإعلانات تزيد بنسبة 11.7% في الفترة نفسها.ماذا عن الكويت؟ تتوقع التقارير العالمية أن تشهد الكويت نمواً اقتصادياًَ قوياً، وأن يزيد ازدهارها المالي والاقتصادي، وترتفع معدلات الاستثمار المحلي، في وقت تتحسن فيه المخرجات التعليمية، وتزيد سخونة الأوضاع السياسية الداخلية، وتلتهب الحالة السياسية الإقليمية والدولية، وكلها عوامل تزيد الطلب على الصحافة المكتوبة، وتعزز اقتصاداتها في آن.وستظل الصحف المطبوعة تهيمن على سوق الإعلان في الكويت؛ فمن المتوقع أن تنمو إيرادات وسائل الإعلام الكويتية من الإعلان بنسبة 9% خلال السنوات 2006- 2011، لكن الصحف ستستأثر بأكثر من 70% من إجمالي تلك الإيرادات. صحيفة كويتية مطبوعة جديدة تصدر اليوم ومعها فرص نجاح واعدة، تعزز المشهد الإعلامي الكويتي الذي ظل لعقود رقماً صعباً فريداً في المنظومة الإعلامية العربية.