Ad

أخشى على وطني من سلبية اعترته، وأخشى عليه أكثر من سلبية متخذي القرار حياله، فنحن نبحث عن أمل في كومة قلق، وعن إنجاز يعيد الدفء إلى حناجرنا، مع ذلك يعز السؤال في زمن غابت فيه الابتسامة، حتى عن شفاه الأطفال.

ربما تكون الحسنة الوحيدة لاستجواب وزيرة التربية أمس، أيا كانت نتائجه، أنه كشف لنا مقدار التذمر الذي غص به حلق المواطن، بعد روحه.

فالجميع أمام حال التذمر سواء، حكومة تشتكي تعسف البرلمان، ونواب ينتقدون الوزراء، والمواطن ناقم على مجلسي الوزراء والأمة، والنظام له مآخذه على طريقة إدارة البلد، والصحافة تتألم من غياب الرؤية والأولويات، ورجال الدولة عاجزون عن حل أزمتنا، لأنهم بكل بساطة يجهلون بواعثها.

حضرت الشتائم في قاموسنا السياسي وغاب الحوار، دخلنا في دوامة من الصراخ، فخرج الرقي من حياتنا، تقسمنا إلى فئات وطوائف، فرق ومذاهب، ونسينا أن الكويت هي القاسم المشترك بيننا، لكنها مع ذلك كانت أكبر الغائبين عن حياتنا.

مات الإحساس في هذا الوطن، وطغت اللامبالاة على حياة المواطن، وقست القلوب قبل الجلود، فرأينا نائباً يشكك في أخلاقيات طلبة الجامعة، دون أن يرد عليه أحد، حتى من بين أولياء أمور الطلبة المشكوك في أخلاقهم، وخرج حماة القانون عليه، بعد أن أقسموا على تطبيقه، ولم يعد الموظفون يؤدون وظائفهم بالشكل المطلوب منهم، ومع ذلك لا نجد من يحرك ساكناً.

وفيما نحن سابحون في بحر النوح، يقلق علينا أقراننا الخليجيون، فيما يعلو علينا الموج، فنصبح جميعنا آسفين لحال التردي الذي بلغناه، ومع ذلك لا نزال نجتر الماضي، ونرثي حالنا سراً وعلانية.

أراقب كل هذا، وأخشى على وطني من سلبية اعترته، وأخشى عليه أكثر من سلبية متخذي القرار حياله، فنحن نبحث عن أمل في كومة قلق، وعن إنجاز يعيد الدفء إلى حناجرنا، مع ذلك يعز السؤال في زمن غابت فيه الابتسامة، حتى عن شفاه الأطفال.

علينا أن ندرك قطار الزمن، فهو لا يعبر المحطة نفسها مرتين، وحينما ينطلق لا يعود ثانية، وأن نعمل لمستقبل أفضل، فما فات يمكن تعويضه بسهولة، متى ما صحت النوايا وصدقت الأفعال، فالأوطان تبنى بالأمل، قبل أن يرتفع عمرانها، ولا يزال هناك أمامنا بصيص نور يداعبنا من آخر هذا النفق الطويل، حتى وإن خف وهجه من بعيد، فالكويت بحرقة محبيها لا تزال بخير، وبهم ولهم ستبقى كذلك.