الانتخابات الفرعية: الدوافع والأسباب 1-2

نشر في 31-03-2008 | 00:00
آخر تحديث 31-03-2008 | 00:00
 د. بدر الديحاني

الانتخابات الفرعية ليست حكراً على القبائل ولا على الدائرتين الانتخابيتين الرابعة والخامسة فقط، بل تقوم بها التيارات السياسية الدينية السنية والشيعية وبعض الفئات الاجتماعية في كل المناطق الانتخابية... وحدها التيارات السياسية الوطنية الديموقراطية هي التي لا تقيمها.

كثيراً ما يتم إهمال الأسباب الحقيقية لمشاكلنا العامة، ويتم عوضاً عن ذلك التركيز على نتائجها أو مظاهرها فقط، وكأنها هي الأسباب التي يتم في الأعم الأغلب تجاهلها، لذا تعود المشاكل للبروز من جديد وبحدة أكثر. وأبرز مثال على ذلك هذه الأيام هو الانتخابات الفرعية «وهي التي تتم بصورة غير رسمية قبل الميعاد المحدد للانتخاب لاختيار واحد أو أكثر من بين المنتمين إلى فئة أو طائفة معينة». (مادة 45).

وسنحاول في هذه المقالات البحث عن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى بروز ظاهرة الانتخابات الفرعية، التي طفت على السطح أخيرا وكثر الحديث عنها بعد الأحداث الأخيرة المؤسفة التي ما كانت لتحدث لو تم الالتزام بتطبيق القانون. ومن المهم أن نؤكد هنا أنه في الوقت الذي نرفض فيه الانتخابات الفرعية القبلية والطائفية والفئوية لأنها ممارسات غير ديموقراطية، فإننا نؤكد أيضا على وجوب عدم المبالغة والتعسف في تطبيق القانون وضرورة احترام حقوق الإنسان. والآن يا ترى ما الدوافع والأسباب والظروف الموضوعية والذاتية التي أدت إلى بروز ظاهرة الانتخابات الفرعية؟

ولكن قبل الإجابة عن هذا السؤال لابد من الإشارة هنا إلى أن الانتخابات الفرعية ليست حكراً على القبائل ولا على الدائرتين الانتخابيتين الرابعة والخامسة فقط، (يقوم الكنادرة والحضر في الخامسة بإجراء انتخابات فرعية كان من نتائجها نجاح عضو مجلس الأمة الأسبق السيد جاسم الكندري)، بل إن الانتخابات الفرعية تُجرى أيضا في كل مناطق الكويت، ففي الدائرة الأولى، فإنه بالإضافة للترتيبات التي تُجرى لإقامة انتخابات فرعية قبلية، فها هم أغلب مرشحي «قبيلة» الكنادرة ينتظرون نتيجة «فرعيتهم» كما صرح بذلك أحد المرشحين الحاليين وهو بالمناسبة يمثل الإخوان المسلمين «حدس»، عندما ذكر لبعض الصحف أنه لايزال ينتظر قرار اجتماع مجلس الكنادرة ليعلن ترشيحه. بالإضافة إلى ذلك فإن مرشحي الطائفة الشيعية في الدائرة الأولى يتجهون لعمل تصفيات فرعية فيما بينهم، وعلى ما يبدو فإن هنالك تحركات حثيثة في الدائرة الأولى لعمل تصفيات انتخابية طائفية (سنية-شيعية) تشابه تلك التي جرت في منتصف التسعينيات. أما في الدائرة الثانية فإن العائلات الكبيرة (لا تختلف كثيراً في تركيبتها عن القبائل لكن عدد أفرادها أقل) تقوم بعمل ترتيبات معينة فيما بينها هي عبارة عن تصفيات أو «فرعيات» يغلب على هدفها الطابع الاقتصادي، ولكن عادة لا يعلن عنها في وسائل الإعلام. وفي الدائرة الثالثة هنالك انتخابات فرعية قبلية وتصفيات عائلية أيضا، وإن كانت الأخيرة بدرجة أقل مما هي عليه في الدائرة الثانية. وإذا ما أخذنا في الاعتبار تعريف الانتخابات الفرعية كما ورد في المادة 45 «لاختيار واحد أو أكثر من بين المنتمين إلى فئة أو طائفة معينة» فإن ذلك ينطبق على جميع التيارات الدينية السنية والشيعية. وحدها التيارات السياسية الوطنية الديموقراطية التي تعتبر مستثناة من إقامة الانتخابات الفرعية حسب تعريف المادة 45.

من ناحية أخرى فإن الانتخابات الفرعية التي تتم في كل مناطق الكويت ليست قاصرة على انتخابات مجلس الأمة بل إنها تجري قبل انتخابات الأندية الرياضية والجمعيات التعاونية وانتخابات المجلس البلدي وبعض مؤسسات المجتمع المدني والنقابات العمالية والاتحادات الطلابية داخل الكويت وخارجها، كما أنها تشمل كل الفئات والطوائف في الكويت وإن بدرجات متفاوتة، ولا تختص فقط بالدائرتين الرابعة والخامسة أو «بفرعيات» القبائل مع أنها المظهر الأبرز هنا.

لذا فالمشكلة أعمق مما قد يبدو على السطح من أعراض، حيث إن لها جذورا وأسبابا سياسية واجتماعية... وهذا ما سنتطرق إليه في المقال القادم.

****

نافذة:

هل صحيح أن الحكومة بدلا من أن تقوم بمراجعة الأخطاء التي حصلت في أثناء إدارتها لقضية التأبين وموضوع «الفرعيات»، فإنها تفكر باستخدام هذه الأخطاء كمبررات لإعادة قانون التجمعات من الشباك بعد أن أخرجته المحكمة الدستورية من الباب؟!

back to top