نورية والفضيحة الجديدة!

نشر في 10-01-2008
آخر تحديث 10-01-2008 | 00:00
 د. ساجد العبدلي  

إذا قررت الحكومة أن تقف مع نورية، وهذا ما أظنه سيحصل، فإن اللعبة ستجري في الأيام المقبلة وفق قواعدها المعروفة. صفقات ووعود حكومية للنواب والكتل البرلمانية والقوى السياسية، بهدف ضمان عدد كاف من الأصوات لإفشال طرح الثقة، وستبقى نورية.

 

(الصبيح لقنتهم الدرس الصحيح)، (الصبيح في مهب الريح)، (أبدعت فأقنعت)، (نورية، دور ثاني)، (عظمة يا ست).

هذه ليست أقوالي، وإنما أقوال صحف الأمس. وكما تقرؤون فإن هذه المانشيتات التي جاءت على صدر الصحف لا تتفق جميعها على «عظمة» أداء وزيرة التربية نورية الصبيح، فأحدها يرى أنها غدت «في مهب الريح»، وهي لا تتفق جميعا على أنها قد «أبدعت» فعلاً، فأحدها يقول إنها دخلت امتحاناً «دور ثاني». والصور التي نشرت مع المانشيتات عبرت عن الأمر نفسه. إحدى الصور أظهرت الوزيرة وهي تحرك يديها كمايسترو يقود فرقة موسيقية، بينما ظهرت صورتها في أخرى، وهي تقرص أنفها وعلى وجهها نظرة منكسرة وقد كتب تحت الصورة «الحقيقة لا تحتاج إلى تعليق»، في حين ظهرت في ثالثة وهي ترفع ذراعيها وكأنها تحيي الجماهير!

هذه المانشيتات والصور تكشف لنا وبجلاء «الدرس الصحيح» الوحيد مما حصل، وهو أن المسألة برمتها محض صراع سياسي لا أكثر، نابع في أصله من ميول وحسابات أبعد ما تكون عن الموضوعية.

أحد الزملاء، وهو ممن قضوا عمرهم في الدراسة في الخارج، وجاء بعدها ليعمل في شركة خاصة تدار بعقلية غربية المنهج، يقول لي إنه قرأ محاور الاستجواب ولم يجد ما يرقى إلى خيار الاستجواب، فأجبته، ومتى كانت استجواباتنا تقوم على محاور ترقى لذلك. سألني وكيف سيكتب لمثل هذا الاستجواب النجاح؟ فأجبته، ومتى كانت الاستجوابات تنجح أو تفشل والوزراء يقالون أو يستقيلون لهذا!

علمتنا الأيام، والاستجوابات الماضية، والاستقالات والإقالات الوزارية أن بقاء نورية أو رحيلها، ليس مرهوناً بعظمة أدائها في تفنيد محاور الاستجواب، ولا بإبداعها في اقناع النواب، ولا بقدرتها على تعليم البرلمان الدرس الصحيح.، بل صرنا ندرك وبوضوح أن بقاءها من عدمه مرتهن بالحسابات السياسية، ومرتهن بهل سيعمل رئيس الحكومة على حشد الجهود لإبقائها، أم أنه سيرى في التضحية بها الخيار السياسي الأصوب، كما جرى مع وزير الأوقاف السابق د. عبد الله المعتوق، وكما جرى مع وزيرة الصحة السابقة د. معصومة المبارك؟! اليوم صرنا ندرك وبوضوح أن بقاء أي وزير من عدمه مرتهن بحسابات النواب والكتل البرلمانية والقوى السياسية، ولا علاقة له بما سيدور في جلسة استجوابة.

إذا قررت الحكومة أن تقف مع نورية، وهذا ما أظنه سيحصل، فإن اللعبة ستجري في الأيام المقبلة وفق قواعدها المعروفة. صفقات ووعود حكومية للنواب والكتل البرلمانية والقوى السياسية، بهدف ضمان عدد كاف من الأصوات لإفشال طرح الثقة، وستبقى نورية.

لكن يبدو لي أن من يريدون «سقوط» نورية ليسوا هم فقط أولئك النواب العشرة الذين قدموا طلب طرح الثقة، بل إن هناك الكثيرين ممن يتمنون ذلك، من داخل البرلمان ومن خارجه. من هؤلاء الراغبين بخروج نورية من وزارة التربية أشخاص من العاملين في وزارة التربية نفسها والذين نشطوا في الآونة الأخيرة في إظهار مواطن الخلل والفساد في وزارتهم بهدف إحراجها سياسياً.

أحد حلقات مسلسل الفضائح الجديدة، الذي ظهر منذ أيام ليزيد وزن الحمولة السياسية على ظهر نورية، هو كشف أسماء المعلمين المستحقين لمكافأة الأعمال الممتازة للعام 2007م. تقول الإشاعات أن هذا الكشف الذي أثار غضباً عارماً في صفوف المعلمين والمعلمات قد ضم أسماء أشخاص متوفين، وآخرين مسافرين في إجازات مرافقة مرضى لفترات طويلة أو إجازات وضع وأمومة، وآخرين ممن حصلوا أصلاً على تقديرات متدنية من رؤسائهم، وأنه أسقط أسماء معلمين ومعلمات أكفاء من أصحاب الأداء المتميز فعلاً!

يا معالي الوزيرة، يبدو أنك تحتاجين وقبل الحديث عن تدخلات النواب في عملك وإشغالك عن أداء مهمتك، أن تقومي بتنظيف وزارتك فعلا من هذه الجيوب المنشقة وهذه الأطراف السيئة التي تعيث فيها عبثاً وفساداً!

 

back to top