زيادة الخمسين ديناراً...ليست حلاً
![د. بدر الديحاني](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1472378832591788600/1472378876000/1280x960.jpg)
فالزيادة المطردة في الأسعار وغلاء المعيشة سرعان ما ستلتهمها أي مبالغ تضاف اعتباطا إلى الراتب مهما كان مقدارها، وستصبح أي زيادة وكأنها لم تكن. بل إنني لا أبالغ إن قلت إنه في ظل غياب سياسات اقتصادية واجتماعية حكومية واقعية ومتكاملة فإن الوضع المعيشي للناس قبل الزيادة، مهما كان مقدارها، سيكون أفضل منه بعدها!! إذ لا فائدة من زيادة نسبتها %10 إذا كانت الأسعار قد ازدادت بنسبة %200 وهي مرشحة لمزيد من الارتفاع أيضا!!إن سياسة مكافحة الغلاء وارتفاع الأسعار تتطلب معالجة هادئة وطويلة المدى وتأخذ في الاعتبار عوامل اقتصادية كثيرة بعضها فني دقيق، ومن المؤسف أن يتم تجاهل كل ذلك وتسويق وهم زيادة الخمسين «السحرية» للناس، ثم تركهم بعد ذلك يعانون الارتفاع المستمر للأسعار وتكاليف المعيشة الباهظة. هذا لا يعني أننا ضد زيادة الرواتب، بل بالعكس فمن المفروض أن تتم المراجعة الدورية لنظام الرواتب والأجور في الدولة وزيادتها بما يتناسب مع زيادة التضخم وغلاء المعيشة، ويكون ذلك من خلال حزمة من السياسات الاقتصادية والاجتماعية المتكاملة التي يكون من ضمنها وضع حد للنهم الاستهلاكي البذخي والتشجيع على الادخار وترشيد الاستهلاك. كما يجب أن تراعي هذه السياسات التفاوت الكبير في الدخل ومستوى المعيشة بين الفئات المختلفة للسكان، حيث إن هنالك فئات من المواطنين من ذوي الدخل المحدود تعاني أكثر من غيرها من الفئات الاجتماعية من ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة، وليس من العدالة بمكان أن يكون مقدار الزيادة لمن راتبه بضع مئات هو نفسه لمن راتبه بضعة ألوف من الدنانير!!لذا فإننا لسنا بحاجة لزيادة رواتب غير مدروسة يلتهمها السوق بسرعة، ومن الممكن أن تكون لها آثار اقتصادية واجتماعية عكسية على المواطن في المدى القصير، بل نحن في أمس الحاجة لسياسات عامة اقتصادية واجتماعية مدروسة تعتمد على البيانات والأرقام والإحصاءات الدقيقة وتأخذ في الاعتبار ترابط السياسات العامة، ولا تخضع لردود الأفعال ولا للمصالح الانتخابية، وتكون فاعلة وتحقق مستوى معيشة مرتفع للمواطنين وللمقيمين على المديين القصير والطويل.