Ad

لم يسبق لمجلس الأمة أن وافق على رفع الحصانة عن أي نائب وتحت أي ظرف، ولقضايا كان بعضهم يراها تستحق رفع الحصانة فعلا، وجاء رفضه دائما بحجة أن الدعاوى حملت شبهة الكيدية وأنها ستفتح باباً لرفع الحصانة عن أي نائب مسبقاً لأي سبب كان، لذلك فأنا أسأل النواب اليوم واحداً واحداً، وكيف ستقبلون أن يحصل هذا اليوم؟

من غير المعقول أن نقبل فكرة أن يتقدم بعض الأشخاص إلى النيابة العامة بدعوى على النائب جمعان الحربش، بحجة عضويته لحزب سياسي غير مرخص قانونياً اسمه الحركة الدستورية الإسلامية (وهذه حقيقة)، وأن هذا الحزب السياسي مرتبط بالتنظيم العالمي لجماعة الإخوان المسلمين (وهذه حقيقة)، تلك الجماعة التي اتخذت موقفاً معارضاً لاستقدام القوات الأجنبية لتحرير الكويت (وهذه حقيقة). ومن غير المعقول أن نقبل فكرة أن يتهم الحربش من خلال عضويته للحركة الدستورية التابعة لحركة الإخوان المسلمين الكويتية، المنتمية إلى حركة الإخوان المسلمين الأم والتي هي جماعة محظورة في مصر، أقول إنه من غير المعقول أن نقبل فكرة أنه من خلال هذا، يكون عرضة للاتهام بالعمل ضد مصالح البلاد العليا، بل يسعى إلى تشويه علاقة الكويت بالدول الشقيقة والصديقة!

من غير المعقول كذلك أن نقبل فكرة أن يتقدم أحد ما إلى النيابة العامة بدعوى على النائب وليد الطبطبائي، بحجة أن له مقالات يخاطب فيها أسامه بن لادن زعيم تنظيم «القاعدة» المصنف في أعلى سلم الإرهاب حول العالم أجمع (وهذه حقيقة)، بكل احترام وتوقير وتبجيل، بالرغم من العمليات المسلحة التي نفذتها «القاعدة» والتي طالت الكويت نفسها وبعض الدول المجاورة (وهذه حقيقة)، وأن يتهم النائب الطبطبائي بالارتباط بالتنظيمات الإرهابية والعمل ضد مصالح الكويت العليا وتشويه علاقتها بالدول الشقيقة والصديقة!

من غير المعقول أن نقبل بهذا العبث، فيصل الأمر إلى موافقة مجلس الأمة على إسقاط الحصانة البرلمانية عن النائبين للمثول أمام القضاء في هذه القضايا الغريبة التي لا يمكن الجزم بعدم كيديتها، وبعدم وجود دوافع ومرام أبعد ما تكون عن الحق من ورائها!

وكذلك فإن الحق والمصداقية أمام الله والتاريخ، يقتضيان ألّا نقبل كذلك فكرة الموافقة على إسقاط الحصانة البرلمانية عن النائبين سيد عدنان عبدالصمد وأحمد لاري للمثول أمام النيابة العامة بدعوى الانتماء إلى حزب سياسي غير مرخص اسمه التحالف الإسلامي الوطني، يرتبط بـ«حزب الله»، ولا يخفي تأييده له، وأن في هذا الانتماء عمل ضد مصالح البلاد العليا وأمنها!

إن ميزان العدل واحد مستقر، ولا يصح أن يميل أو يختل بين الناس تحت أي ظرف أو لأي هوى، لذلك فإن ارتباط النائبين عدنان ولاري وميلهما تجاه «حزب الله» باعتباره جماعة مجاهدة تقاتل العدو الصهيوني لا يفرُق منطقياً عن ميل النائب الحربش (أو البصيري، أو الصانع، أو الكندري، أو الشمري) لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة في مصر واعتبارها جماعة سياسية تعمل لإقامة الدولة الإسلامية، ولا عمّا يقال عن ميل النائب الطبطبائي نحو (الشيخ) أسامه بن لادن ونحو ما أسماه أهل الجهاد الصادق في مقالته الشهيرة!

لم يسبق لمجلس الأمة أن وافق على رفع الحصانة عن أي نائب وتحت أي ظرف، ولقضايا كان بعضهم يراها تستحق رفع الحصانة فعلا، وجاء رفضه دائما بحجة أن الدعاوى حملت شبهة الكيدية وأنها ستفتح باباً لرفع الحصانة عن أي نائب مسبقاً لأي سبب كان، لذلك فأنا أسأل النواب اليوم واحداً واحداً، وكيف ستقبلون أن يحصل هذا اليوم وليس هناك ما يحمل شبهة الكيدية أكثر من تحول قضية التأبين من نشاط مكشوف جرى تحت نظر وسائل الإعلام، بصرف النظر عن خطئه من صوابه، إلى قضية تآمر على قلب نظام الحكم والإخلال بمصالح البلاد العليا؟!

إن في أعناق نواب مجلس الأمة مسؤولية تاريخية لأن يتبصروا في حقيقة ما يجري، فيدركوا أن رفع الحصانة عن النائبين سيشكل سابقة خطيرة، وسيكون من السهل أن تتبعها حالات أخرى، وأنه في حال حصوله سيوقع كل نواب مجلس الأمة بلا استثناء في هذا المأزق مستقبلا، ولن يصبح مأموناً بعدها على أي نائب يتجرأ على التصدي لقوى الفساد أن يجد نفسه بلا حصانة في مواجهة تهمة كيدية.

ولا تستغربوا يومها إن وجدتم من يطالب برفع الحصانة عن الحربش أو الطبطبائي بدعوى الانتماء إلى جماعات سياسية تتآمر على قلب نظام الحكم!!