أتفهم لو منع القانون وضع ملصقات على النافذتين الأمامية والخلفية للسيارة لأنها تحجب رؤية السائق، وأتفهم لو حدد القانون أماكن أو نسبة معينة من مساحة سطح السيارة لوضع الملصقات حتى تحتفظ السيارة بشكلها المثبت في دفتر تسجيلها، ولكن لا يجوز أن يمنع القانون وضع الملصق لأنه يعد تعبيراً عن الرأي، فوظيفة القوانين هي تنظيم الحقوق وليس منعها.أثار تصريح وزارة الداخلية أخيراً عن عزمها تحرير مخالفات لكل من يضع ملصقاً على سيارته يظهر دعماً لمرشح استغراب الكثيرين لارتفاع قيمة الغرامة لتصل ما بين ألف وثلاثة آلاف دينار، علماً بأن الداخلية لم تكن إلا منفذة لنص المادة 31 مكرر من القانون رقم 4 لسنة 2008 الخاص بتنظيم الإعلانات الانتخابية، وهنا تبرز ملاحظة أخرى على القانون لتعارضها مع مبادئ حرية التعبير عن الرأي.
تنص المادة على حظر «استعمال جميع وسائل النقل بقصد الدعاية الانتخابية أمام لجان الاقتراع أو غيرها»، بينما تنص المادة 36 من الدستور على أن «حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما وذلك وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون». إن قيام مواطن بوضع ملصق يحوي اسم مرشح للانتخابات على أحد ممتلكاته الخاصة كالسيارة ليس إلا تعبيراً عن رأيه بدعم ذلك المرشح والاتفاق مع أفكاره، ومنعه من ذلك يعد سلباً لحقه في التعبير عن رأيه، ما يعد تعارضاً مع المبادئ الديموقراطية التي نص عليها الدستور.
المادة 36 من الدستور نصّت على وجود قوانين تنظم ذلك الحق، حيث أتفهم لو منع القانون وضع ملصقات على النافذتين الأمامية والخلفية للسيارة لأنها تحجب رؤية السائق معرضاً نفسه والآخرين للخطر، وأتفهم لو حدد القانون أماكن أو نسبة معينة من مساحة سطح السيارة لوضع الملصقات حتى تحتفظ السيارة بشكلها المثبت في دفتر تسجيلها، ولكن لا يجوز أن يمنع القانون وضع الملصق لأنه يعد تعبيراً عن الرأي، فوظيفة القوانين هي تنظيم الحقوق وليس منعها.
ولفهم القصور في القانون ليس علينا سوى قياسه على وسائل أخرى مماثلة كالتعبير عن دعم المرشحين كتابة في المقالات أو قيام الشبان والفتيات الصغار يوم الاقتراع بارتداء «تي شيرت» وضعت عليها أسماء وصور مرشحيهم المفضلين، فهل سنشهد تعديلاً على القانون لمخالفتهم أيضاً؟ السيارة ملك خاص و كذلك الـ«تي شيرت»، ومن المفترض التعامل معهما وفق المنطق نفسه، فإما حفظ حق المواطن الدستوري باستخدامهما للتعبير عن رأيه وإما سلبه ذلك الحق.
Dessert
مازلت عند رأييّ بأن النائب السابق علي الراشد هو نجم الحملة الانتخابية لأن القانون الذي قدمه مازال هو المؤثر الأكبر في الانتخابات، ويبقى القانون خطوة كبيرة إلى الأمام رغم الملاحظات السابقة التي تبين أحد النتائج السلبية للتلويح الدائم بحل المجلس، حيث أقر بعجلة عندما كان التلويح على أشده.