Ad

فاجأتنا الحكومة بإصدارها قانون «ضرورة» مؤداه العودة إلى العمل بقانون التجمعات، وبقيود أشد وأكثر صرامة تجاوزت حدها الذي كان منصوصا عليه بالقانون السابق، فبموجب القانون الجديد أصبح كل شيء وكل اجتماع مباحا للأجهزة الأمنية. فهي لم تمنحنا فرصة للتفاؤل في هيبتها لتطبيق القانون حتى سقطت في مطب مناكفة الدستور بوضوح وبصورة قطعية لا تحتمل التأويل.

كان القرار التاريخي الذي أصدرته المحكمة الدستورية عام 2006 بإلغاء قانون التجمعات إيذانا بعودة شيء من الوعي والالتزام بأحكام الدستور وعلى الأخص المادة رقم 44 منه. وتم بموجب ذلك القرار إنهاء واحدة من أكثر الحالات تناقضا مع الدستور.

والآن فاجأتنا الحكومة بإصدارها قانون «ضرورة» مؤداه العودة إلى العمل بقانون التجمعات، وبقيود أشد وأكثر صرامة تجاوزت حدها الذي كان منصوصا عليه بالقانون السابق، فبموجب القانون الجديد أصبح كل شيء وكل اجتماع مباحا للأجهزة الأمنية. فكل ما لدى الأجهزة الأمنية من صلاحيات سترتكز على تقديراتها فحسب، فالديوانية ودور العبادة وغيرها تحتاج فقط إلى «تقدير» أو «سوء تقدير» لوضع الاجتماع القائم، لا أكثر ولا أقل، حتى تتم مداهمة «الاجتماع» المذكور حسب تعريف القانون الجديد.

لم تمنحنا الحكومة فرصة للتفاؤل في هيبتها لتطبيق القانون حتى سقطت في مطب مناكفة الدستور بوضوح وبصورة قطعية لا تحتمل التأويل.

كنت ومازلت أكرر بأن هناك حزمة من القوانين التي تحمل في طياتها شبهة، بل شبهات دستورية فاضحة، وأن السبيل الوحيد الذي يمكن التعامل من خلاله مع تلك القوانين يتم عبر إحالتها إلى المحكمة الدستورية لتحصينها وتأصيلها دستورياً.

إلا أن «الفعلة» التي أقدمت عليها الحكومة بإصدارها قانوناً مُلغىً دستورياً، وإعادة الحياة له يتجاوز في حدوده المنطق، ويبدأ في التأسيس لعالم دولة غير دستورية.

أما في الشق السياسي فالمسألة أدهى وأمر فكيف سيتم التعامل من حيث التوقيت مع الحملة الانتخابية التي ستنطلق بعد أيام؟ لقد أوقعت الحكومة بقانونها المعيب حول الاجتماعات العامة نفسها والبلاد والعباد في مطب لا قرار له.